في عالم تسوده الشكوك والتوترات، حيث يبدو أن اليأس يطغى أحيانا على الأمل، هناك شخصيات تبرز بموهبتها وعزيمتها، مجسدة وعدا بالتجدد والانطلاق. من بين هؤلاء، يلمع نجم سامي، الفنان والمغني المغربي الشاب البالغ من العمر 15 عاما، والذي يحمل بين طيات صوته وأدائه تطلعات جيل متعطش للإبداع والنجاح. مشاركته في برنامج على القناة السعودية SBC، حيث تألق بحضوره المميز وصوته العذب، لم يكن مجرد إنجاز فني، بل أصبح رمزا لمغرب يتحرك بثقة، ولشباب يؤمن بأحلامه ويرفض الاستسلام للقدر. لم يولد سامي في بيئة ميسورة، بل ينتمي إلى أسرة مغربية من الطبقة المتوسطة، تلك الأسر، التي رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية، تمتلك قوة لا تتزعزع: الإيمان بالمستقبل. وكما هو حال العديد من الأسر المغربية، جعل والداه من التعليم والعمل ركيزتين أساسيتين في تربية أبنائهما. فقد أدركا أن الإرث الحقيقي لا يقاس بالممتلكات المادية، بل بالقيم التي تغرس في النفوس: الانضباط، المثابرة، والانفتاح على العالم. وفي كنف هذه الأسرة، لم ينظر إلى موهبة سامي كمجرد هواية عابرة، بل كطريق مشروع نحو تحقيق الذات والنجاح. قصة سامي تتجاوز شخصه لتصبح انعكاسا لحالة أوسع؛ فهي تمثل بديلا ثمينا في واقع يواجه فيه الشباب المغربي – والعربي والمسلم عموما – خطابات الإحباط والتطرف. في زمن ينادي فيه البعض بالانغلاق، يختار سامي وأمثاله الانفتاح. وفي حين يستسلم البعض للواقع، يعمل هؤلاء جاهدين لبناء مستقبل أكثر إشراقا. إن مسيرته تذكير قوي بأن الحداثة والتقدم ليسا قيما مستوردة، بل هما جزء أصيل من مجتمعاتنا، يحتاجان فقط إلى الرعاية والدعم. ومع أن دور الأسرة يظل محوريا، إلا أنه لا يكفي وحده. فالحكومة، الإعلام، والسياسيين جميعهم يتحملون مسؤولية جسيمة في رسم ملامح هذا الأفق الواعد. إن تعزيز نماذج ناجحة كسامي، وإعلاء قيمة التعليم، ودعم المواهب الشابة، وفتح آفاق جديدة لهم، هي الأسلحة الحقيقية في مواجهة الإحباط والتطرف. فالشباب الذي يغني، ويبدع، ويبتكر، هو شباب يبني ويحلم. سامي شرايطي ليس مجرد فنان ناشئ؛ إنه رمز لمغرب يرفض الاستسلام، ويؤمن بشبابه، ويدرك أن التعليم والثقافة والاجتهاد هي السبل الوحيدة لمستقبل مشرق. صوته رسالة أمل، ونغماته دليل على أن مغرب الغد يبنى اليوم، بأيدي من يجرؤون على الإيمان بأنفسهم.