يعلم المغاربة أن حزب العدالة والتنمية فاز بولايتين تشريعتين متتاليتين، هذا معطى معلوم. أغلب مكونات الشعب التي صوتت لصالح حزب البيجيدي، لا تستوعب معنى البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأحزاب، بالأحرى أن تستوعب معنى المشروع المجتمعي لحزب ما. أما العارفون والمطلعون والمهتمون، فهم يرون أن برامج الأحزاب المغربية متشابهة، ولا شيء يميز برامج أحزاب اليسار عن أحزاب الليبرالية ولا عن برامج أحزاب “إسلامية” أو “حداثية”. لكن لابد من الإشارة إلى أن الحركة الإتحادية والتقدمية كانت توفرت، في زمن ما من تاريخ المغرب، على مشروع مجتمعي واضح وفعال، غير أنه اصطدم بطبيعة نظام الحكم بالمغرب، في إشارة إلى المكونات الأساسية الماسكة بدواليب الدولة. وهي المكونات التي لقيت في ما بعد إجماعا من طرف الأحزاب السياسية، سواء التي تشارك في الإنتخابات أو تلك التي تقاطعها. طبعا، استفاد حزب العدالة والتنمية، من الأحداث السياسية عبر تاريخ المغرب، ولم يركز على تقديم برنامجه المجتمعي، كما يتصوره ويؤمن به، وهو برنامج لم يكن يخلو (لو تم تقديمه ) من شعار ومبدأ “الإسلام هو الحل”، وما يتفرع عنه من أدبيات ومواقف وقرارات، لذلك عمد الحزب المذكور إلى إزالة هذا الشعار من أدبياته، بما أنه شعار يتصادم نظريا وعمليا مع طبيعة نظام الحكم في المغرب، ومع طبيعة تفاعل هذا الحكم بمحيطه الإقليمي والدولي. فماذا بقي لحزب العدالة والتنمية، ليقنع به المغاربة ليساعدوه على الصعود إلى دفة المشاركة في تسيير شؤون البلاد؟ لم يجد الحزب سوى اللعب على أوتار خصال مناضليه ومناضلاته، وخاصة أعضاء قيادته. الخصال والسلوك والأخلاق وما يسمونه الإلتزام الديني. لذلك بادروا إلى إقناع جزء من الشعب بأنهم أناس “لا يسرقون أموال الشعب، لا يكذبون، وأنهم ملتزمون دينيا، رجالا ونساء وأنهم متخلقون. لا ينحرفون. . ..”، وشخصيا لا أنكر هذا لدى بعضهم. لأجل كل ما سبق، وجب القول إنه لا شيء يناقش لدى هؤلاء سوى الخصال التي اوصلتهم إلى السلطة. والخصال لها علاقة مباشرة بالسلوك اليومي وبالحياة الشخصية والعامة. وهذا لا يعني الدعوة إلى تلفيق الأباطيل والأخبار الزائفة والتشهير المجاني، ولكن هي دعوة إلى النقد اللاذع لكل انحراف أصاب سلوك وأخلاق أعضاء هذا الحزب.