فتحت مصالح الضابطة القضائية، تحت إشراف النيابة العامة، تحقيقًا معمقًا في وقائع صادمة شهدتها مصحة خاصة معروفة بمدينة الدارالبيضاء، أسفرت عن وفاة سيدة تعمل ممرضة، وإصابة سيدتين أخريين بعاهات مستدامة، وسط اتهامات موجهة للأطر الطبية بالإهمال وعدم تقديم العناية المستعجلة للمرضى. التحقيقات، التي انطلقت مؤخرًا، جاءت بناءً على تعليمات مباشرة من النيابة العامة، عقب توصّلها بشكاية من أسرة الهالكة، البالغة من العمر 52 سنة، والتي كانت تشتغل بمستشفى محمد الخامس. الضحية، التي قصدت المصحة لتلقي علاج بسيط يخص مرض البواسير، فارقت الحياة بشكل مفاجئ بعد تدهور خطير في حالتها الصحية، انتهى بإصابتها بسكتة دماغية. وبحسب رواية الأسرة، فقد نبهت الضحية الطاقم الطبي إلى إصابتها بمرض الذئبة الحمراء، وحذّرتهم من ضرورة الاستمرار في تناول دواء محدد لا يمكن التوقف عنه. إلا أن الأطباء – حسب الشكاية – تجاهلوا الأمر، وأوقفوا الدواء استعدادًا للعملية، التي لم تُجرَ رغم مرور ثلاثة أيام، وهو ما أدى إلى تدهور حالتها النفسية والجسدية، قبل أن تفقد البصر والسمع وتدخل في حالة هلوسة انتهت بوفاتها. مصادر مطلعة أكدت أن مصالح الضابطة القضائية شرعت بالفعل في الاستماع إلى أقارب الهالكة، في انتظار استدعاء الأطر الطبية والإدارية للمصحة من أجل تحديد المسؤوليات وترتيب الآثار القانونية، خصوصًا أن الشكاية الموجهة إلى وكيل الملك طالبت بمساءلة المؤسسة الصحية عن الإهمال المزعوم، وفتح تحقيق في ظروف وملابسات الحادث المأساوي. القضية لم تقف عند هذه الحالة فقط، إذ تفيد المعطيات ذاتها أن سيدتين أخريين تعرضتا لتبعات صحية خطيرة بعد تلقي العلاج في المصحة نفسها. الأولى كانت حاملا وأدخلت لوضع مولودها، لكنها خرجت وهي عاجزة عن المشي والسمع بعد دخولها في غيبوبة لعدة أيام. أما الحالة الثالثة، فتعود لسيدة تعرضت لسكتة دماغية داخل المصحة ذاتها وأصيبت بعدها بالزهايمر. في الأثناء، تواصل أسرتا الضحيتين المتضررتين التحركات القانونية قصد وضع شكايات مماثلة لدى النيابة العامة، في أفق الكشف عن كافة التفاصيل المرتبطة بهذه الوقائع المثيرة، والتي أعادت النقاش حول جودة الرعاية الصحية بالقطاع الخاص وأوجه التقصير المهني في بعض المؤسسات الاستشفائية الخاصة. وتطرح هذه القضية، التي هزّت الرأي العام بالعاصمة الاقتصادية، أسئلة مقلقة حول مدى التزام المصحات الخاصة بالمعايير الطبية والإنسانية في التعامل مع المرضى، ومسؤولية الأطقم المشرفة على العلاج، خاصة في الحالات التي تستدعي تدخلاً عاجلاً وإنقاذًا للحياة.