"قولوا لفرنسا ما راناش مراركة"، شعار رفعه الجزائري "دوالمين"، ربما دون أن يدرك أبعاده الحقيقية. نعم، أنتم لستم مراركة، وهذه حقيقة لا تحتاج إلى جدال. المغاربة، أو "المراركة" كما يُطلق عليهم في بعض الأوساط، أمة عريقة تحمل إرثًا غنيًا من القيم والتقاليد التي تعزز احترام القانون والتعايش المشترك، سواء داخل وطنهم أو خارجه. المغاربة عرفوا عبر التاريخ بقدرتهم على التكيف مع القوانين واحترامها في أي بلد يعيشون فيه، سواء كانوا مقيمين أو زوارًا. في فرنسا، تجد المغاربة نموذجًا للاندماج الإيجابي، حيث يحترمون القوانين والعادات دون أن يتخلوا عن هويتهم وثقافتهم. هذا السلوك ينبع من قناعة عميقة بأن الاحترام المتبادل هو أساس التعايش، وأن التزام القوانين ليس خيارًا بل واجبًا أخلاقيًا. ما يميز المغاربة أيضًا هو قدرتهم على تجاوز الأحقاد والضغائن، والتعامل مع الجميع على قدم المساواة، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الانتماء. المغرب كان دائمًا نموذجًا للتعايش بين الأعراق والديانات، حيث عاش المسلمون واليهود والمسيحيون معًا في سلام على مدى قرون. هذا التاريخ المشترك شكل وعيًا جماعيًا يرفض الكراهية ويؤمن بالحوار وسيلة لحل الخلافات. عندما يرفع "دوالمين" شعاره، يبدو وكأنه يعترف ضمنيًا بأن "المراركة" يمثلون نموذجًا مختلفًا وأفضل، حتى وإن كان ذلك بأسلوب يحمل في طياته تهكمًا. لكن الحقيقة أن المغاربة لا يحتاجون إلى شعارات للدفاع عن قيمهم أو للتأكيد على أخلاقهم. هذه القيم تتجلى في سلوكهم اليومي وفي تعاملهم مع الآخرين، سواء كانوا مواطنين أم مهاجرين. المغاربة لا يحملون شعارات تفرق أو تؤجج الصراعات، بل يؤمنون بالعيش المشترك وبناء الجسور بدل الحواجز. إذا كان البعض لا يستطيع فهم هذه القيم أو الوصول إلى مستواها، فإن الأمر لا يعود إلى "المراركة"، بل إلى من يفتقدون تلك المبادئ في حياتهم. شعار "قولوا لفرنسا ما راناش مراركة" قد يحمل حقيقة واحدة فقط… أنكم لستم كذلك، لأن قيم التسامح والاحترام والحوار ليست مجرد شعارات عند المغاربة، بل أسلوب حياة. ربما حان الوقت لبعض الشعوب أن تتخلى عن الأحقاد والشعارات الجوفاء، وتنظر بعين الإنصاف إلى من سبقوها في مضمار الحضارة والتعايش.