مْرَارْكة وتاعرابت بعض الصحف الجزائرية سامحها الله إما لا تعرف اللغة العربية وإما تلوث نفسها تحت مصيدة التسييس بتقزيم وتشويه إسم المغرب في عناوينها الرياضية، وإما لهجتها الزنقوية هي هكذا حتى في تواصلها اليومي. ساقني لهذه المقدمة ما جاء في سياق مقال لجريدة النهار الصادرة يوم الجمعة الماضي تحت عنوان: «المراركة يستفزون الجزائريين والأمن يمنع وقوع الكارثة»، وهو عنوان مستفز في بدايته لإسم «المراركة»، يعني المغاربة بتقزيم شديد وكلمة ساقطة وملوثة لا أريد شخصيا أن أرد عنها بالمثل لأصالتنا وثقافتنا وعروبتنا وديننا، كما لا يمكن أن نقزم الجزائر بأي مدلول ساقط كرمز بلاد وأمة وشعب المليون شهيد، ونحترمه لأنه جزء منا في كل شيء، لكن أن تصدر جريدة يومية جزائرية عنوانا بهذا التسفيه، فهي بذلك تؤسس لعداوة تشعر بها هي في منطوق عقلها ومناخها الصحفي، وتستهلك هذه الكلمة أساسا من ضلع الكراهية اتجاه المغرب، ولن نقبل بهذا التجريح الإعلامي الصادر من الجريدة الإلكترونية في كلمة «مراركة» إلى جانب مصطلح «الإستفزاز» كثاني كلمة منبعثة من التعتيم الإعلامي الموبوء بالحقد والكراهية. بالله عليكم.. ما معنى «مراركة» في العامية الجزائرية؟ هي كلمة جمع لمفرد الفرنسية وقلبت بالعربية بتشويه أدبي وأخلاقي وتواصلي، دونما احترام حتى للشعب المغربي لأنه معني أصلا باللغة العربية «مغاربة» وليس «مراركة» بالسوقية الإعلامية الجزائرية.. وأكثر قوة فهم هذا المصطلح يميل إلى الهمجية المطابق للإستفزاز ما يعني أن طرح «مراركة يستفزون» يميل نحو الصعلكة وغيرها من أسس الإنحراف اللأخلاقي المطروحة في سياق قطاع الطرق والمجرمين وسفاكي الدماء، والمغاربة ليسوا «مراركة » كما تعتقد الجريدة، بل هم أسياد شمال إفريقيا في العزة والكرامة واحترام الضيف، وشعبه أكثر من متسامح بضيافته واستقباله الحار لأي مواطن في العالم، لكن لا يتسامح باستهتار من يمسه في كرامة وطنه، وما دام المنتخب الجزائري وأنصاره في أرضنا، فهم معزوزون ومكرمون بدرجة أقوى وبكرم حاتمي يفوق بكثير استقبالنا بالجزائر، لكن أن تصدر الجريدة الإلكترونية عنوانا مستفزا لا يحترم على الإطلاق مشاعر المغاربة، فيعتبر ذلك قمة في السفاهة اللغوية، ولا حاجة للرد عليها لأننا أكبر منها في الأخلاق الإعلامية والديبلوماسية فضلا عن السياق الآخر التي تحدثت فيه عن وقوع مناوشات كلامية بين أنصار الجزائر والمغاربة: «بعد وصول الوفد الجزائري، ردد أنصار الخضر عدة عبارات تمجد المنتخب وبالخصوص الرئيس بوتفليقة وفي خضم هذه الفرحة، دخل هؤلاء الأنصار في مناوشات مع بعض المغاربة في أحد الشوارع حين كان بعض الجزائريين يتجولون عبر الدراجات النارية رافعين الإعلام الجزائرية، وهو ما أثار حفيظة بعض الأنصار المغاربة الذين دخلوا في مناوشات كادت أن تعرف مجرى آخر...»، ترى من استفز الآخر؟ وماذا لو كان أنصار المغاربة بالجزائر يتجولون بذات الوضع والهتاف وأشياء أخرى بشوارع الجزائر؟ وماذا سيحدث أصلا في المناوشات؟ ----------------------- «تاعرابت» مرة أخرى هو من يستفزني كثيرا بسلوكاته الطائشة ويضعني في قمة الإنفعال للاعب أعرف أنه نجم كبير وينتظره مستقبل احترافي كبير لكنه ينزل في نظري بنسبة مائوية عالية إلى حضيض الهواية تحت مقاس « أن ألعب رسميا أولا أكون » .. قال تاعرابت بالحرف: «قررت أن أغادر الفريق الوطني لأني علمت يوم الخميس أني لن أكون رسميا، وغادرت الفريق من دون إعطاء تفسيرات للمدرب وفضلت أن لا أعود إلى المنتخب سواء كان غيريتس أو غيره..». هل ما قاله تاعرابت هو في قمة النضج والعقل والرزانة الإحترافية؟ وهل هذا السلوك المجانب للطيش في توقيت ملغوم وحدث مشوب بالغليان والضغط النفسي مقبول أصلا من تاعرابت؟ إطلاقا لا، فتاعرابت مخطئ بنسبة لا تقل عن 99٪ ومخطئ في تركيزه الذهني ومغرور لأبعد ما نتصوره. بدافع ما فعله أيضا مع مدربه وارنوك حين قدم إليه الأخير إلى مراكش لإقناعه اللعب بكوين بارك رانجيرز بينما كان تاعرابت يلعب (الرقم 10) بهذا المعنى على المدرب بدرجة الضغط عليه حتى يلعب أساسيا مع كوين بارك طيلة الموسم، لكن بالمنتخب يختلف الأمر، فغيريتس ليس هو وارنوك في التعامل والفوارق تختلف بين النادي والمنتخب، وإن ضغط تاعرابت على وارنوك فقد فاز بالرسمية لكن بالمنتخب شيء آخر لأنه يظل بلدا لا مدينة، ومغادرة الفريق الوطني تحت وقع الإحتياط دون الرسمية هو سلوك صبياني غير مبرر، لأن المدرب هو المسؤول عن اختياراته ويجب أن يكون المنتخب بكامل عناصره (22 دوليا) تحت قناع صرامة المدرب، وليس الإخلال به، وأي لاعب مسؤول عن أدائه الرسمي والإحتياطي والواجب الوطني، لا الإستهتار به، وتاعرابت إستهثر بالحدث والتوقيت ألف مرة في المائة، أما غيرتس فقد يبرأ من النازلة لأنه تواصل مع اللاعب بعد لقاء تانزانيا في أكثر من موقف وليس مسؤولا عن هذا الإحباط، واحترافيته ليس بموقف تنازلات وارنوك مدرب كوينز بارك لأن الفوارق تختلف بين النادي والمنتخب، بينما تاعرابت ركب رأسه وتحدى غيرتس وكل المغاربة بالمغادرة الطوعية، ولم يكن عاقلا على الإطلاق في كتم السر ليكون احتياطيا على الأقل ويلعب دقائقه ليكون مغيرا للحدث، ووقتها يفجر مسكوته بعد الحدث، ولذلك أرى أن تاعرابت افتقد للإحتراف والحرفية الكروية وربما سيجني على نفسه سلوكيا مع أي فريق يلعب له من موقع ما فعله مع منتخب بلاده في عز المعنويات وروح البحث عن الفوز لأنه بكل بساطة أبان عن إنعدام المسؤولية لديه وترك وطنه باستهتار غير مقبول.