والجزائر تحتفل باليوم الوطني لدبلوماسيّتها 8 أكتوبر من كل سنة تخليداً لتلك اللحظة التي رفع فيها الرئيس الراحل بن بلة العلم الجزائري بالجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1962 دفعني الحدث بجانب موقفي كمغربي من هذه الدبلوماسية العدائية إلى البحث في أرشيف الوزارة الوصية عشرة سنوات إلى الوراء حتى حدود سنة 2015 وصولا إلى الكلمة الافتتاحية للوزير عطاف قبل يومين الذي عبر عن سعادته وبكل نشوة للمقرر القضائي الصادر عن محكمة العدل الأوربية القاضية ببطلان الاتفاقيات الزراعية والصيد البحري بين المفوضية الأوروبية والمملكة المغربية.. والحقيقة ان ما وصلت إليه من نتائج بعد الإطلاع على هذا الأرشيف – وبكل صدق – هو اننا بجوار دولة الخرف الدبلوماسي.. وبقرارات سياسية مصابة بالزهايمر.. والأمر بهذا الوصف البعيد عن القدحية والتنمرّ القريب إلى فقدان الذاكرة السياسية التراكميّة لدى صناع القرار هناك.. فخلال هذا العقد الدبلوماسي الجزائري تقلد السيد لعمامرة منصب وزير الخارجية ثلاث مرات في ظرف سنتين ونصف في النسخة الأولى للرئيس تبون.. لكن يعود له الفضل في كشف هذا العداء المرضى لبلدنا الذي يرجع إلى هزيمة حرب الرمال وشعار ( حگرونا المراركة) خلال هذه المدة احتفلت الجزائر سنة 2015 بتوقيع اتفاقية مع دولة مالي.. الدولة التي ترحمت على هذه الاتفاقية في الجمعية العامة مؤخراً.. بل هي الدولة الوحيدة التي هددت الجزائر وحذّرتها من على منصة الأممالمتحدة واشهدت العالم على ذلك.. لكن التيمة المشتركة خلال هذه العشر سنوات وعبر ست وزراء هو الشعار الديماغوجي مثيل مناصرة القضايا العادلة وحق تقرير مصير الشعوب في آخر مستعمرة أفريقية ( الصحراء الغربية) هو الملف الوحيد لدى هذه الخارجية من يد إلى أخرى.. وبنفس النبرة رغم اختلاف الأسماء والازمنة كما في الماضي البعيد ولمدة ربع قرن.. كما في المستقبل أيضاً وهي اعراض مرض الخرف الذي تجعل المصاب يتمسّك بالماضي وانتصاراته الوهمية مثيل مكة الثوار وبلد المليون شهيد ووو مقابل إنكار الحقيقة والمتغيرات الميدانية في المحيط كما في العالم كأن قصة الفيل في القاعة تناسب حالة القفز على الانتصارات الدبلوماسية المغربية ذات الصلة بقضيتنا الوطنية وهي بشكل حجم الفيل داخل القاعة يراه الجميع إلا النظام الجزائري الذي استغل قرار محكمة العدل الأوربية ليعتبره انتصاراً للقضية الصحروارية ولبنة قانونية في بناء الدولة الصحراوية في الافق القريب.. هكذا تكلم السيد أحمد عطّاف في افتتاح اليوم الوطني للدبلوماسية الجزائرية أول أمس مستعملاً لغة حماسية حتّى كدنا نتصور ان تأسيس دولته الوهمية على مرمى حجر من قصر المرادية ضاغطاً على هذه الجملة " إنّ خرافة الحكم الذاتي لا يمكن أن تؤسّس لأي حلّ، كونها تتنافى وحقّ تقريرِ المصير الذي لا محالة آت في الافق القريب" ولأن مرض الخرف يمنعه من رؤية الفيل داخل أوروبا التي يعنيها القرار القضائي بالدرجة الأولى والأخيرة.. ويمنعه الزهايمر أيضاً أن يتذكّر هو واسياده قرار محكمة الاستئناف البريطانية بلندن شهر ماي من السنة الماضية (2023) حينما رفضت بشكل نهائي طلب استئناف تقدمت به منظمة "WSCUK" الداعمة لجبهة "البوليساريو" الانفصالية من أجل إبطال اتفاق شراكة بين المغرب وبريطانيا ويتساءل كيف لقضاة في محكمتين أوروبيتين تستند للقانون الدولي وعلى القرارات الأممية أن تحكمان على النقيض من بعضهما البعض؟ وسط هذا التناقض هناك حقيقة لا تتغير ولن تتغيّر هي أنّ الأسد في صحرائه ويُسمع زئيره من طنجة حتّى لگويرة لا كحدود فحسب بل وجود دولة وأمْة ضاربة في التاريخ ومستخلفة في الجغرافيا المشتركة مع شعوب الواجهة الاطلسية مستقبلاً.. هو الفرق الزمني بمفهوم حقبة تاريخية تفصلنا مع النظام المهزوم والفاشل في تحقيق مشروعه الإنفصالي وبربع قرن من المناورات والدسائس وشراء الدمم والمراهنة على الأشخاص حد الاستعانة بطبيب بيطري ( تخصص حمير) للترافع بما سمّاه وثائق تاريخية تناصر اطروحتهم الانفصالية ليتأكد عبر هذه الكوميديا البئيسة عمق الهزيمة في وجدان هذا النظام الذي بلغ مع هؤلاء العجز الميؤوسين أمام حججنا التاريخية كما اقرت بها محكمة العدل الدولية وخاصة رابط البيعة بين قبائل الصحراء وسلاطين المغرب لندخل إلى ارضنا منذ 1975.. وبين الحجج الحمارية التي تحاول أن تستحمر ما تبقّى من هذا الشعب الشقيق.. بهذا الكشف " التاريخي" يكون الرئيس تبّون قد دشّن مرحلة ( الحموريّة) كمنهج فلسفي وتربوي خلال نسخته الثانية فلاغرابة ان تجد نهيقاً في صوت مذيع، أوفى مقال صحفي وقد يكون وزيراً أوزعيم حزب مادام النهيق الجزائري قد وصل إلى مقر الأممالمتحدة عبر هذا الطبيب البيطري ( تخصص حمير) الذي تنكّر تحت قناع الأسد ليُكشف عنه صوت نهيقه حين حاول الزئير.. يوسف غريب كاتب صحفي