قال أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، في حوار على منصة "أثير" التابعة لشبكة "الجزيرة" القطرية، إن إسبانيا "غيّرت" موقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، مما "أعطى الضوء الأخضر لإعادة تقييم علاقاتنا بإسبانيا". وبدا عطاف وهو يحاول تأكيد هذا المعطى لمحاورته، وهي مواطنته الصحافية الجزائرية خديجة بن قنة، "غير واثق"، وفق ما لاحظه متابعون، إذ قال إن إسبانيا "حوّلت موقفها من المبادرة باتجاه الموقف الأوروبي الذي نطلبه"، دون أن يوضّح طبيعة هذا الموقف، قبل أن يدعو خديجة بن قنة إلى الاطلاع على هذا "التغير ب180 درجة في البوابة الإلكترونية لوزارة الشؤون الخارجية الإسبانية". ويرى مراقبون أن مسؤول الخارجية الجزائرية لم يقدّم أي دليل على تغيير الدولة الإسبانية موقفها من الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، "بينما قادته الرغبة الملحة في تبرير إعادة تعيين الجزائر سفيرا بإسبانيا إلى تمرير مغالطات في برنامج حواري"، مستحضرين تجديد تأكيد خوسيه مانويل ألباريس موقف بلاده من قضية الصحراء المغربية قبل نحو أسبوعين فقط خلال زيارته الرباط، أي بعد شهر على عودة السفير الجزائري إلى مدريد. عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، قال إن الخرجات الرسمية الجزائرية "تظهر بوضوح ارتباك واضطراب دبلوماسيتها في فهم ما يجري من حولها من تطورات، ورفضها الاعتراف بأن الموقف الرسمي لإسبانيا من قضية الصحراء المغربية هو الذي تم التعبير عنه في رسالة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس، ثم زيارته المغرب لتجسيد انطلاقة جديدة للعلاقات المغربية الإسبانية". وأضاف بنلياس، في تصريح لهسبريس، أن "ما لا تريد الجزائر قوله هو أنها فشلت في تدبير علاقاتها بجيرانها، وأن استدعاء سفيرها من مدريد بعد اعتراف إسبانيا بسيادة المغرب على صحرائه كان قرارا غير مدروس، ولم يفهم عمق العلاقات الاستراتيجية والتاريخية والسياقات السياسية الجديدة التي تعرفها العلاقات المغربية الإسبانية". وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن خرجة عطاف الأخيرة "محاولة لحفظ ماء الوجه، وإقناع الجزائريين بأن أسباب الأزمة زالت، وأن الضغط الذي مارسته الجزائر على إسبانيا أتى أكله بتصريح رئيس الحكومة الإسبانية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حول دعمه قرارات مجلس الأمن والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة". وخلص إلى أن النظام الجزائري "يواصل، عبر استمراره في ربط نشاطه الدبلوماسي في علاقاته الدولية بالترويج لأطروحة تقرير المصير في الصحراء المغربية، تحريف التصريحات والمواقف الرسمية، مما يضعه في موقف حرج مع شركائه كسحب سفير وإعادة تعيينه بعد نحو 20 شهرا". من جانبه، قال الحسين كنون، رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، إن "تصريحات أحمد عطاف الأخيرة تظهر افتقاد الآلة الدبلوماسية الجزائرية للاتزان والعقلانية والنضج". وذكّر كنون، في حديث لهسبريس، بأن "موقف إسبانيا من الحكم الذاتي في الصحراء المغربية هو موقف دولة وحكومة منتخبة بشكل شرعي تم التعبير عنه علنيا، وهو موقف لا يقل أهمية عن الموقف الأمريكي من القضية على اعتبار أنها (إسبانيا) حاملة الأرشيف ومستعمرة سابقة للأقاليم الجنوبية ومطلعة على حقيقة الملف". وأشار إلى أن "الجارة الشمالية هي من الدول التي تحترم نفسها ولا تتراجع عن قراراتها، لاسيما في علاقتها بالمغرب، الذي بات دولة قوية ومؤثرة وبوابة نحو العمق الإفريقي".