قرأتُ في احدى المنابر الإعلامية، مقالا يحمل نفس العنوان "ساكنة أكادير تبحث عن أحزاب مختفية". وكأحد سكان المدينة ومتتبع للشأن السياسي والتدبير المحلي في عاصمة سوس العالمة، ارتأيت التفاعل مع هذا المقال، وتطعيمه ببعض المعطيات التي تخص الأنشطة السياسية في المدينة والتي لم يتطرق لها المقال المذكور. بداية أتفق مع كاتب المقال حين وصف أكادير بكونها تعرف جمودا سياسيا مهولا. المتتبع للممارسة السياسية في مدينة الانبعاث، عبر التاريخ، يلاحظ أن أكادير راكمت رصيدا مهما في الممارسة السياسية، وكان الحزب الذي يسير المجلس الجماعي، هو الذي يتزعم تلك الأنشطة السياسية. كما أنه يساهم بقدر كبير في تنشيط الحياة السياسية في المدينة إلى جانب أحزاب المعارضة. لكن مدينة أكادير مع المجلس الحالي، تشهد مرحلة استثنائية في تاريخها السياسي. فلأول مرة تشهد المدينة هروب الحزب المسير للمجلس الجماعي من مواجهة المواطنين، الذين أعطوه الأغلبية لتمكينه من تسيير شؤون مدينتهم. ولم يقف هذا الهروب السياسي عند هذا الحد، بل حتى لقاء المجلس المسير مع الساكنة بمناسبة مرور نصف الولاية، لم يلتزم به المجلس الحالي. علما أن ساكنة أكادير، كانت دائما مهتمة باللقاءات التي تنظمها الأغلبية المسيرة إلى عهد قريب، لكنها غابت في المجلس الحالي. أما بخصوص الأنشطة السياسية التي تنظمها بعض الأحزاب المعروفة بجديتها وبترافعها على مصالح الساكنة ومشاريع المدينة، ولو من موقع المعارضة، فقد غاب عن صاحب المقال العديد من الأنشطة النوعية والإشعاعية التي تقوم بها أحزاب المعارضة. جاء في المقال المذكور "إلا أن أدوار هذه الأخيرة (يقصد الأحزاب) لا يقتصر على "المدابزة" على المناصب فقط، بل الأهم من ذلك هو تأطير المواطنين وتحريك الحياة الحزبية والسياسية بشكل عام"…وفعلا، حينما شعُرَت بعض الأحزاب، باهتمام الأغلبية المُسيِّرة بتقسيم الغنيمة والمنافع، ضاعفت أحزاب المعارضة من أنشطتها الإشعاعية لأداء واجبها الدستوري بتأطير المواطنين، وملئ الفراغ الذي خلَّفه غياب الحزب المسير عن الخروج للتواصل مع المواطنين وتنشيط الحياة السياسية في المدينة. وبهذا الخصوص أَذْكُر النشاط الجماهيري الذي نظمه حزب العدالة والتنمية تضامنا مع فلسطين. أذكر كذلك النشاط الذي نظمه حزب التقدم والاشتراكية، والاتحاد الاشتراكي بخصوص قضية وحدتنا الترابية. ويبقى الصالون السياسي الذي تنظمه الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بأكادير إداوتنان، القيمة المضافة الرئيسية في تنشيط الحياة السياسية في المدينة، اعتبارا لكونه نشاطا سياسيا منفتحا على جميع الأحزاب والمجتمع المدني، وهو الأمر الذي جعله يتميز بالحضور الوازن وقيمة المؤطرين، إلى جانب تفوقه في حسن اختيار المواضيع، وهو ما أشاد به الكثير من المتتبعين للشأن السياسي في المدينة. لكن عندما نبحث عن الأنشطة السياسية المفتوحة للعموم التي قام بها الحزب المسير للأغلبية، فإننا نستغرب لهذه النتيجة الصفرية التي لم تألفها ساكنة الانبعاث. ختاما أقول، لولا الأنشطة العمومية والمنفتحة على الجميع، والتي تنظمها أحزاب المعارضة، لكانت الحياة السياسية في المدينة في عداد الموتى بسبب غياب الحزب المسير للمجلس الجماعي عن المدينة. ربما، ينبغي انتظار الانتخابات المقبلة، كما جاء في المقال المذكور، لنشهد أعضاء المجلس الجماعي يخرجون من مكاتبهم، ليطلبوا أصوات ساكنة اشتاقت لرؤيتهم. سعيد الغماز