لا شك أن للأعيان دوراً مهماً ومحورياً في المجتمع، فهم غالباً ما يكونوا حاملي شعلة القيادة المحلية، ومساهمين في حل النزاعات وتوجيه الرأي العام… . دورهم التاريخي في الحفاظ على استقرار المجتمعات المحلية وتوجيهها نحو التنمية لا يمكن إنكاره. ومع ذلك، فإن هذه المكانة التي يتمتعون بها تأتي مع مسؤوليات كبيرة، أولها وأهمها هو الالتزام بالقانون واحترام المؤسسات. لكن في الآونة الأخيرة، أصبحنا نلاحظ توجهاً مقلقاً من بعض الأعيان الذين يبدو أنهم يرون أنفسهم فوق القانون، متجاهلين الحدود التي يفرضها النظام المؤسسي الذي يحكم الجميع. هناك فئة من الأعيان تتصرف وكأن الوطن مزرعة خاصة لها، حيث تتجاهل القوانين وتتجاوز الصلاحيات، ما يخلق فجوة متزايدة بين المواطنين والمؤسسات، ويهدد بتقويض سيادة القانون والمساواة. إن التعامل مع الوطن وكأنه ملكية خاصة، هو خطر جسيم على السلم الإجتماعي. فالأعيان، برغم مكانتهم، ليسوا فوق القانون، ولا ينبغي لهم أن يعتبروا أنفسهم كذلك. الوطن ليس ملكاً لأحد، ولا يمكن لأي فئة أن تستأثر به أو تضع نفسها فوق مؤسساته. التاريخ علمنا و يعلمنا أن المجتمعات التي سمحت لبعض أفرادها بالتصرف فوق القانون هي مجتمعات سريعة الانهيار، حيث يؤدي الشعور بالتمييز وعدم المساواة إلى تفكك النسيج الاجتماعي. وعليه، فإن الأعيان الذين لا يتوقفون عن تجاوز القانون، ويصنفون أنفسهم فوق المؤسسات، يساهمون بشكل مباشر في زعزعة استقرار المجتمع. من المهم جداً أن يفهم الجميع، بما في ذلك الأعيان، أن الوطن يجمعنا جميعاً، وأن القوانين تحكمنا جميعاً بغض النظر عن مناصبنا أو مواقعنا داخل المجتمع. القانون هو السقف الذي يقينا من الانزلاق نحو الفوضى، ومن يحاول تجاوزه يجب أن يواجه عواقب ذلك. في نهاية المطاف، يجب أن نعيد التأكيد على أن كل فرد، مهما كان دوره في المجتمع، يخضع لنفس القوانين والمؤسسات. والأعيان، بحكم مكانتهم، يجب أن يكونوا قدوة في الالتزام بالقانون واحترام المؤسسات، لا أن يحاولوا فرض أنفسهم فوقها. هذه مسؤولية وطنية يجب أن يتحملوها بكل جدية، لأن الحفاظ على سيادة القانون هو ما يضمن استقرار الوطن وازدهاره. عبدالله بن عيسى