دخلت خدمة الفاكس إلى المغرب سنة 1983، وبحكم سهولة استخدامها انتشرت في ربوع الوطن وعرفت إقبالا كبيرا من طرف المستعملين. لكن مع ربط المغرب بشبكة الأنترنيت في 1995، تطوَّر استعمال المايل ثم وسائل التواصل الاجتماعي خاصة الواتساب، فبدأت الخدمات الحديثة تحتل شيئا فشيئا موقع الفاكس. لكن هذا الأخير رغم ما تتيحه شبكة الأنترنيت ما زال صامدا ويستعمله بعض الزبائن وإن بشكل محدود. فما هي قصة ولادة الفاكس وكيف ظهر للوجود؟ اليابان لعبت دورا محوريا في تطوير خدمة الفاكس وجعلها رهن إشارة العموم. خلال انتشار التلغراف عبر العالم، لم تتمكن اليابان من الاستفادة من هذا الاختراع الهام آنذاك. والسبب هو اللغة اليابانية التي لم تكن تساعد على الكتابة في جهاز التلغراف نظرا لكونها تتطلب المئات من الحروف (لا يمكن تخيل آلة كاتبة بمائة حرف). أمام هذا العائق اللغوي، ولتفادي تخلف البلاد عن العالم في مجال التلغراف، شرعت اليابان في تركيز جهدها على البحث عن تقنية تمكن من إرسال الرسائل والصور المكتوبة باليد على الورق. وهكذا ستتمكن شركة يابانية في 1927 من اختراع أجهزة قابلة لإرسال رسائل مكتوبة باللغة المعتمدة في البلاد. شرعت اليابان في تعميم خدمة الفاكس حتى أصبحت البلاد تحتضن نصف عدد الفاكسات المشتغلة في العالم بأسره سنة 1985. لكن الحكاية لا تقف عند هذه الرواية. فمحاولة إرسال رسائل وصور مكتوبة باليد على الورق بدأت منذ إنشاء الشبكات الأولى للتلغراف. وكان القصد من هذه التجارب تبسيط استعمال التلغراف بالاستغناء عن ضرورة كتابة الرسائل عبر جهاز التلغراف، وما يتطلبه ذلك من وقت وجهد ودراية بكود مورس. محاولات كثيرة شهدها العالم كان أبرزها تجربة الأسكتلندي "ألكسندر بين" الذي وضع المبادئ الأولى لإرسال الرسائل المكتوبة عبر شبكة التلغراف، وقام بالتجارب الأولى عام 1842. لكن بعد عدة تجارب ولصعوبات تقنية، سيتخلى عن الفكرة. تجارب ألكسندر ستشكل إلهاما للعديد من المخترعين لمواصلة تطبيق الفكرة. وهكذا سيطرَح في الأسواق كل من الفرنسي مايير والإنجليزي باكويل وأخيرا الأمريكي توماس إديسون، نماذج من الأجهزة التي بإمكانها إرسال الصور والرسائل المكتوبة على الورق. ودخلت هذه الخدمة المجال التجاري في 1861. لكن ضعف فعالية هذه الأجهزة ورداءة مردوديتها، والحاجة لتقني متخصص في إعداد الرسائل المكتوبة أو الصور، إضافة إلى التكلفة الباهظة للخدمة، كل هذه العوائق مجتمعة جعلت منها تقنية فاشلة تم الاستغناء عنها في 1870. لكن البداية الحقيقية لخدمة الفاكس كما هو متعارف عليه اليوم، كانت من إنجاز الطبيب الألماني ARTHUR KORN الذي تمكن سنة 1902 من إرسال أول صورة فوتوغرافية عبر خط هاتفي. هذا الإنجاز سيعرف تطورا نوعيا بعد اختراع الأجهزة الكهرومغناطيسية لتسريع وتيرة الإرسال عبر الشبكات الهاتفية. هذا الإنجاز مكن الشركات والإدارات الحكومية التي تُقدِّم خدمات التلغراف، من طرح خدمة جديدة لزبائنها تقضي بإرسال الرسائل المكتوبة بخط اليد أو الصور من مركز إلى آخر ويقوم ساعي البريد بتوصيل الرسالة كما هو متعامل به في التلغراف. وفي 1922 ستضع الشركة الأمريكية للتلغراف والتليفون ATT، رهن إشارة الجرائد خدمة إرسال الرسائل الفوتوغرافية لتيسير عملها مع مراسليها في المدن البعيدة. اليابان ستعتمد على هذه التجارب، وتقوم بتطوير جهاز الفاكس ليصبح متاحا لعموم اليابانيين وليس للإدارات فقط. فهي ترى في الفاكس حلا سحريا لدخول عالم الاتصالات بعد تخلفها عن استعمال التلغراف بسبب عائق لغتها التي لا تنسجم مع الأجهزة السائدة آنذاك. سعيد الغماز