آثارت مقالة النقيب عبد الرحيم الجامعي التي اختار لها عنوان: " عن علاقة الصيغة الدستورية للاحكام بالبسملة وهل القرارات القضائية علمانية بنص دستوري ؟" كثيرا من التعليقات وردود الفعل منها المؤيدة والمعارضة لطرحه. فأين هو مربط الفرس؟. لم يستطيع السيد النقيب انتظار ما سيسفر عنه تحليله ولا أسئلته حول أحقية القاضي في ذكر البسملة في بداية افتتاح جلسة له بالمحكمة او عند تحريره لحكم قضائي، وأظهر غايته من كلامه بأن الايديولوجية العلمانية هي التي يجب أن تكون الحكم والفصل في أمور المغاربة ،وان لا مجال للحديث عن المرجعية الإسلامية، وهو ليختصر الأمر أكثر لم يطرح السؤال عن ماهي ديانة المغاربة بمقتضى الدستور و إنما أجاب عن سؤال طرحه في نفسه مفاده أن الاحكام والقرارات القضائية حسب تعبيره هي علمانية وذلك لقطع الطريق على القاضي لتبرير ذكره البسملة ليس بصفته تلك ولكن كمسلم كذلك . والسيد النقيب وإن حسم أمره منذ البداية بأن الاحتكام يجب أن يكون للايديوجية العلمانية (التي يبدو أنه لا يعترف بها كايديوجيا ) فإنه حاول إيجاد أساس قانوني يسد الطريق على القاضي من ذكر البسملة في عمله عند تحرير حكم قضائي. وقد تناسى أن الحكم القضائي بشكلياته المعهودة إنما هي من مخلفات فرنسا الإستعمارية بمناسبة تأسيسها ما يسمى المحاكم العصرية بالمغرب تمشيا مع نظامها القائم على فصل الدين عن الدولة، (وهذا موضوع آخر ليس هنا مكان نقاشه) ولكن بسبب تلك الايديولوجية العلمانية التي تبنتها فرنسا والتي ما زالت تدافع عنها بحرمان المسلمين المقيمين على ترابها من أداء معتقداتهم الدينية وفق الشريعة والسنة النبوية، وهو نفس الاسلوب المتبع في الحديث عن جواز ذكر البسملة من عدم جوازها بالرغم ان الوضع مختلف بين فرنسا والمغرب الذي ينص دستوره الذي اعتمده السيد النقيب كاساس للدفاع عن وجهة نظره على أن اغلبيةالمغاربة مسلمون وان دستورهم تم تبنيه من هذالمنطلق وان الدين الإسلامي هو مرجعهم في أمورهم كلها . والحديث عن الإسلام كدين للمغاربة انطلاقا مما ذكر فانه يشفع للقاضي المسلم قبل صفته كقاضي أن يباشر عمله بما يحترم خصوصيته الدينية ومنها ذكره البسملة عند افتتاح جلسة او عند بداية بته في قضية ما ،ولا يمس ذلك لا في شكليات ولا في جوهر القرار القضائي خلاف ما ذهب اليه السيد النقيب كون البسملة عند جميع المسلمين لا تثير حساسية معينة ولا تؤثر في عمل من يذكرها على غيره من الناس ،فهي تخص قائلها في علاقته مع الله وما يتوخاه منه عند ذكر البسملة قولا وفعلا. ان المغاربة وقد استقلوا عن فرنسا الاستعمارية مطالبين اليوم بتكريس هويتهم الدينية والدفاع عن حقوقهم وحرياتهم كما يؤمنون بها لا كما يتبناها الغرب المستعمر ، لما في ذلك من تداخل ومس بعقيدتهم الدينية وعلى المصلحة العليا للبلاد، وما يرتب تطبيقها من منظور ه العلماني على المغاربة المسلمين الذين يريدون ممارسة دينهم وفق الشريعة والسنة بعيدا عن كل رقابة قبلية او بعدية.