وصلني الخطاب التالي من مجنون الحارة: "اعلم أيها المدعي للعقلانية أنه أصبح من البديهيات أن المغرب دولة متكاملة العناصر وعضو فعال في المجتمع الدولي. والدولة المغربية في التعبير الخلدوني هي صورة المجتمع الذي يشكله كل المغاربة. وللعلم، فإن الدولة مصطلح سياسي تطور عبر التاريخ وما زال في التطور بحكم تطور البشر والاكتشافات العلمية ولها دلالات خاصة مقابل مثيلاتها في الساحة العالمية، ونقول كمغاربة بأننا ننتمي إلى المجتمع الدولي لأننا دولة ونتعامل مع الدول الأخرى التي هي أيضا من جنس البشر لا البهائم والحيوانات التي توضع في الزريبة. فسكان المغرب إذن يصنفون من أعداد البشر وآدميين بكل المقاييس ذكورا وإناثا. ولا ينكر هذا غير المختلين عقليا. ومما تجدر الإشارة إليه هنا ومن البديهيات، أن المغرب يملك ثروة حيوانية لا يستهان بها. فمنها الداجن التي يتم الاعتناء والاهتمام بها غاية الاهتمام لارتباطها بحياتهم وظروف هم المعاشية. ومن هذه الثروة الحيوانية، حيوانات متوحشة ومتنوعة تعيش في الغابات والجبال والبراري وتشكل كنزا وغنى للبيئة المغربية. وحرصا على سلامة الحيوانات الداجنة والاستفادة منها فقد تفنن المغاربة في بناء زرائب لها من كل نوع بجوار مساكنهم الجميلة والمتنوعة أيضا. من الملاحظ، في الآونة الأخيرة، أن بعض الأشخاص ينعتون المغرب الغالي والغني ويصفون الدولة المغربية، التي هي كل المغاربة، بالزريبة وذلك جراء تظلمهم وتدمرهم من الأوضاع السياسية التي لا تتوافق مع أحلامهم، أو جراء تعرضهم لقرارات إدارية تعسفية أو إحباط طموحاتهم من قبل أعدائهم ومنافسيهم في ميادين السياسة والاقتصاد. على أن السبب الرئيسي، في نظري، لا يخلو أن يكون فقدان البوصلة لدى الذين يرددون هذا الوصف ويظنون بأن المغرب زريبة لأن بوصلتهم معطلة ولا يستطيعون التمييز بين ما هو بشري وما هو من جنس بهائم الانعام التي تحشر في الزريبة. أليس وصفهم ناتج عن قلة الاخلاق تجاه المغاربة وإهانة الدولة التي هي جميع المغاربة؟ لا شك أن أحقادهم وإحباط طموحاتهم وتظلمهم قد أعمت بصائرهم وحالت دون إدراكهم بأن المغاربة يعيشون على أرض مقدسة روتها دماء أجدادهم الزكية عبر العصور وحبتها الطبيعة بكل الخيرات التي ينعمون بها بالمشاركة مع بهائم الانعام التي يضعونها في الزريبة ويعتنون بها غاية الاعتناء للاستفادة منها والمحافظة عليها لارتباطها بحياتهم المعاشية، وحاشا أن يعيش المغارية في الزريبة لأنهم ليسوا حيوانات والدولة المغربية ليست إلا صورة كل المغاربة الذين يحبون وطنهم بصدق." هذا بلاغ للعقلاء من الذي تصفه دائما بمجنون الحارة. هل فهمت؟"