في خطوة تعكس تغيرات جوهرية في المشهد السياسي الفرنسي، تمكن التجمع الوطني اليميني من تصدر الانتخابات الأخيرة في فرنسا. هذا الحزب، المعروف بتوجهاته الأيديولوجية المحافظة، يضم تحت مظلته مجموعة متنوعة من التيارات الفكرية والسياسية. يتكون الحزب من عناصر تنتمي إلى تيارات فكرية متعددة، بدءًا بقدماء من عاشوا في الجزائر إبان احتلالها الذي استمر 130 عامًا، والذين يحملون ذاكرة تاريخية وثقافية مرتبطة بالاستعمار الفرنسي، وصولًا إلى الكاثوليك التقليديين الذين يحرصون على الحفاظ على القيم الدينية والاجتماعية التقليدية. بين هاتين الفئتين، نجد أيضًا أنصار نظام فيشي، الذين يتذكرون فترة الحرب العالمية الثانية برؤى مختلفة، بالإضافة إلى القوميين الفرنسيين الذين يركزون على تعزيز الهوية الوطنية الفرنسية. منذ تأسيسه، حرص الحزب الوطني اليميني على الدفاع عما يسميه "الهوية الفرنسية"، يركز الحزب بشكل كبير على محاربة الهجرة، معتبرًا أنها تهدد الهوية والثقافة الفرنسية التقليدية. هذه السياسات جعلت الحزب يجذب فئات من المجتمع الفرنسي التي تشعر بالقلق من التغيرات الديمغرافية والثقافية في البلاد. بالإضافة إلى سياساته ضد الهجرة، يعارض الحزب الشيوعية بشكل صارم، ويعمل على تعزيز القيم الاقتصادية والاجتماعية التي تتعارض مع الأيديولوجيات اليسارية. الحزب يفضل أيضًا البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي ولكن بموقف ناقد، حيث يسعى إلى إعادة التفاوض حول بعض السياسات والقوانين التي يعتبرها مضرة بالمصالح الوطنية الفرنسية. فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، أعلن الحزب رفضه الكامل لزواج المثليين والإجهاض، مؤكدًا على تمسكه بالقيم التقليدية والأخلاقية، هذه المواقف تضعه في مواجهة مع الحركات الليبرالية واليسارية التي تدافع عن حقوق الأفراد في هذه القضايا. بعد سقوط جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة، أعلن مؤسس الحزب وزعيمه، جان ماري لوبان، موقفه المعادي للولايات المتحدةالأمريكية، هذا الموقف ينبع من رؤيته بأن الولاياتالمتحدة تسعى للهيمنة على العالم وأن سياساتها تضر بالمصالح الوطنية لفرنسا. التجمع الوطني اليميني في فرنسا يظل قوة سياسية مؤثرة، تعكس تنوعًا أيديولوجيًا ومعارضة قوية للتوجهات الليبرالية والهجرة. مع تصدره للانتخابات، يستمر الحزب في التأثير على السياسات الفرنسية والدفاع عن رؤيته للهوية الوطنية والقيم التقليدية.