بعد العثور على سلاح ناري عبارة عن مسدس"بيريطا" من عيار 9 ملم، مرفوقا بشاحن رصاص حي،بمستودع سيارات أسفل عمارة بتجزئة المنار طريق الدارالبيضاءبمراكش، قرر المحققون اعتناق مبدأ"اهبش،تلقا حنش". ما زاد في الرفع من منسوب اليقظة والاستنفار، هو الوقوف على حقيقة أن المسدس قد تم استخدامه في إطلاق بعض الأعيرة النارية، ومن ثمة ضرورة الرفع من وتيرة التحقيق، لكشف مجمل خيوط القضية . حقيقة استنفرت جميع الأجهزة الأمنية والدركية، وشرعت التحقيقات على عدة مسارات،خصوصا مع العثور على وثائق شخصية تشير بالاسم والهوية إلى مواطن فرنسي مقيم بالمغرب، ويتوفر على عدة عقارات بمختلف المدن المغربية، ضمنها مدينتا الانبعاث وسبعة رجال. في البداية كانت كل مسارات التحقيق تصل إلى الباب المسدود، بالنظر إلى كون الفرنسي المبحوث عنه قد اختفت آثاره منذ سنة 2011 داخل التراب المغربي، ولم تعرف له وجهة من يومها ولا مكان وجو ده، خصوصا مع التأكد بعدم مغادرته تراب المملكة،. لم يتطلب الأمر كثير وقت، حين قادت التحريات إلى وجوده خلف أسوار سجن مراكش، لتورطه في سابقة قضائية، استدعت إدانته والحكم عليه بعقوبة حبسية. سخرية الأقدار، كشفت على أن الفرنسي قد استنفد مدة محكوميته، وستلفظه عتبات السجن المحلي، صبيحة الأربعاء الماضي، وبالتالي انتداب عناصر من فرقة التحقيق، لتكون في انتظاره ساعة مغادرته فضاء المؤسسة السجنية، لتقتاده صوب مقر الشرطة القضائية، لإخضاعه للتحقيق والاستنطاق. خطوة سيكون لها ما بعدها، وسترمي المحققين بشظايا" ما حدها تقاقي ،وهي تزيد فالبيض"، حين الوقوف على حقيقة أن الشخص الموقوف، لاعلاقة له بالمبحوث عنه،وإن كان يتحرك تحت ستار هويته وينتحل شخصيته، مستخدما في ذلك وثائقه الشخصية وأوراقه الثبوتية. " كيفاش ؟وعلاش؟" ظلت أسئلة محيرة،عجزت بدايات التحقيق على فك ألغازها وخباياها،بالنظر إلي احتكام الفرنسي الموقوف إلى أساليب المراوغة و"التشلهيب"، مع ركوبه قطار"الدخول والخروج فالهدرة"، ما زاد في إذكاء الشكوك من حوله، ودفع في اتجاه تسييجه بشباك تعميق البحث والاستنطاق. امتدت التحقيقات إلى الساعات الأولى من صبيحة أول أمس الخميس، حين انهار الفرنسي بعد محاصرته بسلسلة معطيات وقرائن،لم يعد يجد معها بدا من الاعتراف بأن "الله حق"، ليشرع في سرد تفاصيل مثيرة ظلت أسيرة علم الغيب،إلى أن أذن العثور على الأسلحة المذكورة بهتك ستر حجابها وخباياها. اعترف الفرنسي بأنه فعلا صاحب المسدس المستعمل، وأن الرصاصات التي انطلقت منه قد استعملت في جريمة قتل صديقه الفرنسي الذي تقمص شخصيته وهويته، وأنه قد ارتكب جريمته سنة 2011 بمدينة أكادير ، حيث يتوفر الضحية على بعض الأملاك الخاصة به، وليعمل بعدها على التخلص من الجثة بإلقائها بالبحر. بعد ارتكاب الجاني لجريمته عمد إلى انتحال شخصية الضحية،عبر استعمال أوراقه الثبوتية و وثائق هويته الخاصة، ما مكنه من بيع وتسويق العديد من عقاراته وممتلكاته سواء بالمغرب أو فرنسا. بعد الوقوف على هذه الحقائق المثيرة، وتحديد هويته الحقيقية، تم تنقيطه على الناظم الآلي للمصالح الأمنية، تبين معها خطورة شخصيته لكونه مبحوثا عنه من طرف الأنتربول الدولي، لتورطه في جرائم بالجملة، ضمنها المتاجرة في السلاح،والنصب والاحتيال. زوال أول أمس تم الانتقال رفقة المعني صوب عاصمة سوس العالمة،لإرشاد المحققين لمسرح جريمة القتل، وموقع التخلص من الجثة،فيما التحريات ما زالت مشرعة على اكتشاف المزيد من الحقائق والمعطيات،خصوصا حول إمكانية وجود شركاء يعملون ضمن شبكة جريمة منظمة،يعتبر المتهم أحد عناصرها، وتتخذ من بلد الأنوار قاعدة لنشاطاتها، وتكون بذلك الجرائم المرتكبة بالمملكة الشريفة مجرد الشجرة التي تخفي غابة النشاط المذكور، الذي فضحته جريمة القتل باعتبار"الروح عزيزة،عند الله."