رحلة قصيرة إلى تاليوين عاصمة الذهب الأحمر الزعفران، تستوقفك قصبة تاريخية معروفة بإسم قصبة الكلاوي، تئن وتستغيث تحت وطأة الدمار والنسيان، علها تجد من يعيد إليها الحياة. تفقد كل يوم جزء من أوصالها، تستنجد كل يوم في صمت، عسى أن يبزغ فجر يذب الروح في جسدها ويميط عنها اللثام، ويعيد إليها رونقها ومجدها التليد. هذه القصبة التي هدمت جدرانها بفعل عامل الزمن، وطالها النسيان والإهمال، تعتبر من المواقع التي لها دلالات تاريخية عميقة وتمتلك حمولة ثقافية مهمة، والتي كانت حتى عام 1956 مقرا للسلطة في هذه المنطقة، لعبت من خلالها قرية تاليوين الصغيرة دورا مهما في التاريخ الإداري للمغرب بسبب موقعها الإستراتيجي على محور تارودانتورزازات. قصبة تاليوين التي شيدها الباشا الكلاوي، زعيم قبيلة كلاوة الواقعة في الجنوب الشرقي للأطلس، والذي اختفى عن الطيف السياسي بعد الإستقلال، لتعاونه مع الفرنسيين خلال فترة الحماية تاركا قصبة رائعة في تالوين، تمتلك هندسة معمارية وعناصر زخرفية مبهرة روعي في بنائها التقاليد العريقة للعمران المغربي، تمثل ثروة تاريخية وحضارية عظمى وذاكرة للمنطقة. لذا من الواجب صيانتها وترميمها لتبقى معلمة شاهدة على ما عرفته المنطقة من عز ورقي، وما جاد به الصانع المغربي من روعة وإتقان. فمن يتحمل مسؤولية إهمالها وعدم الإسراع في ترميمها؟ أكيد ان الواقف على واقع حال القصبة اليوم سيدرك أن المسؤولين محليا، إقليميا، جهويا، ومركزيا قد أهملوها أيما إهمال، رغم أنها يمكن ان تلعب دورا مهما في جذب السياحة التاريخية والثقافية للمنطقة. هذا وتتحمل وزارة الثقافة الجزء الأكبر من المسؤولية، في عدم برمجة ترميمها في إطار البرنامج الوطني لترميم المآثر التاريخية، وعلى المجلس الجماعي لتالوين الترافع من أجل ذلك، وأن يسطر برنامج عمل يساهم في تأهليها عمرانيا، تاريخيا وسياحيا، وعلى جهة سوس ماسة ومجلس عمالة تارودانت المساهمة في رد الإعتبار لهذه المعلمة الخالدة، فضلا عن دور المجتمع المدني في الترافع بدوره والمطالبة بتسريع ترميمها وتأهليها في أفق إسترجاع مجدها وإشعاعها التليد. تاليوين : ميلود المحضار.