“جهاد النكاح” و”نضال النهود”، هذا هو ملخص التصور السائد في العالم العربي مؤخرا والذي يغلب في النقاشات الدائرة حول المرأة والربيع العربي، وذلك في اختزال مثير للمرأة في جسدها عبر عرض مفاتنها على شبكة الإنترنت كنوع من الاحتجاج السياسي أو “بيع شهوة جنسية بغطاء ديني” كنوع من الجهاد في سبيل الله في الثورة السورية. ووسط كل هذا الجدل، لا أحد يتذكر صاحبة نوبل للسلام اليمينة توكل كرمان أو الناشطات الحقوقيات المصريات والتونسيات اللواتي شكلن وقود الثورة والتغيير. و من خلال جرد الإعلام العربي وخاصة الإعلام الرقمي خلال الأسبوعين الأخيرين، تتلخص الأخبار المتعلقة بعلاقة المرأة والربيع العربي في “جهاد النكاح” الذي يفترض أنه انتشر في بعض الدول العربية بغطاء ديني من شيوخ السلفية الذين يرخصون للفتيات الذهاب الى جبهة القتال في سوريا والزواج لساعات معينة بالمقاتل “في سبيل الله” ضد نظام بشار الأسد ثم فسح الزواج للإقتران برفيق “مجاهد” آخر في القتال. وحدد بعض شيوخ السلفية شروط هذا “الزواج” في ضرورة ارتداء الفتاة الحجاب الشرعي، والإيمان الشديد ، وأن تكون شابة وليس متقدمة في السن. وعلق أحد الظرفاء في موقع من مواقع الفايسبوك العربية “شيوخ السلفية لم يشترطوا استعمال المجاهدين للعازل الطبي”. و إذا كان بعض شيوخ السلفية يختزلون المرأة في جسدها ودورها الجنسي، يبدو أن هذا الطرح يجد له مرادفا في معسكر آخر، معسكر بعض “العلمانيين والمتنورين” الذين يصفقون لكل فتاة أعلنت أن جسدها هو ملكيتها وعرضت نهديها أمام رواد شبكة الإنترنت كما فعلت شابة تونسية مؤخرا تسمى “أمينة”، أو قبلها المصرية علياء التي عرضت كامل جسدها وكأنها في غلاف المجلة الجنسية بلايبوي، كما جاء في الكثير من التعاليق في الفايسبوك. و تبقى المفارقة ما عرضته مواقع مغربية خلال الأسبوع الجاري لفتيات مغربيات تعرين وكتبن الجملة الشهيرة “جسدي ملكي” وعلى شاكلة الاستثناء المغربي الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة (عفوا ليس الحزب)، قامت بعض الفتيات اللواتي خضن هذا الاحتجاج بالتعري من الأسفل ووضعن حجاب يقترب من البوركة على الرأس. و ينقسم رواد شبكات التواصل الى قسمين في التعاطي مع “جسد المرأة والربيع العربي”، ثنائي مكون من طرف سلفي يصفق ل “جهاد النكاح” ويعتبره جهادا في سبيل الله، وطرف يصف ذلك “بمحاولة أسلمة نوع جديد من الدعارة” في خرق سافر لمبدء كرامة المرأة التي ينص علها الإسلام. والقسم الثاني يشكل ثنائيا للجدل، فطرف يعتبر عرض المرأة لجسدها نوع من الحرية بل وتعبير إنساني طالما أنه لأهداف سياسية، في حين يرى طرف آخر أن من يدافع عن هذا الطرح “لا يعدو يتعامل مع جسد المرأة مثل غلاف بلايبوي أو وضعها شبه عارية أمام منتوج تجاري”. ووسط كل هذا النقاش والجدل بين عرض النهود وجهاد النكاح، لم يعد أحد يتحدث عن محاضرات صاحبة نوبل للسلام اليمينة توكل كرمان أو استمرار أحد أبرز وجوه حركة 25 يناير المصرية أسماء محفوظ في الدفاع عن كرامة المرأة ومشاركتها السياسية ودور المرأة التونسية في كتابة الدستور في الوقت الراهن.