أهنّئ كل جزائري زوالي وأب عائلة يصادف ولده أثناء خروجه فجرا قد عاد من الفرحة الكبرى بمناسبة تتويج فريقه الوطني بكأس العرب.. وهو يسابق الخطو لحجز مكانه بالطابور للتتويج بخنشة حليب أويكاد.. أهنّئ كل فقراء هذا الوطن المختطف بهزيمة هذه الانتصارات الوهمية التي استغلّتها بشكل مفضوح الجنيرالات هناك لتغطية على هذه المفارقة الإجتماعية للمواطن الذي يجري وراء اللحاق بالزيت بهذا الطابور يمينا.. والخبز وغيره في الطابور الآخر يساراً.. أهنّئ خروجكم – إلى حدّ ما – سالمين من هذه الحملة الإعلامية المكثفة التي تقصفكم يوميّا بأخبار المنتخب الوطني وبعناوين مضحكة حد الشفقة.. منها أن بعض تلامذة غابوا عن المدرسة من جل أخد صورة مع اللاعب محرز.. أو المدرب بلماضي يقصف الصحفيين بكلمات نارية.. بل وحتى تصوير ما يتناول اللاعبون أثناء التدريب.. كحبات الموز وعريش ثمر وقنينات مياه.. ونوازل أخرى انفرد بها المشهد الإعلامي منذ انطلاقة البطولة الإفريقية.. الأمر ليس صدفة أوعبث.. فتاريخ الأنظمة العسكرية شاهدة على بشاعة استغلال الرياضة وخاصة كرة القدم لتسويق انتصارات وهمية ضد عدو وهمي.. هو المشهد نفسه يتكرّر مع آخر نظام عسكري بالقارة الإفريقية.. الباحث عن لسرعية الداخلية وسط ارجل اللاعبين.. وليس غباءاً من الجنيرال شنقريحة أن يحتضن كأس العرب وبفرح طفولي باسم وبرئ.. فقد انتصر هذ البارون الكبير ان يروج لمخدر جديد تحت اسم (عقيدة كرة القدم).. تجعل فقراء الجزائر اليوم يقبلون وبكل وثوقية أن هزيمة فريقهم هي مؤامرة خارجية.. وأن جهاز الاستخبارات لبلدهم توصلوا بمعلومات تفيذ قيام المخزن الصهيوني بمابيمي بالتنويم المغناطيسي عن بعد لجل اللاعبين كما جاء على لسان وكالة الأنباء الجزائرية بصفحتها بالفايس بوك.. لقد صدق من قال بأن الأنظمة العسكرية لا تبني دولاً.. والواضح في هذ البلد الجار أنها لم تبن بلداً فحسب.. بل دمّرت شعباً بكامله.. وعبر التلفزة الرسمية للبلاد هذه المرّة وهي تستضيف وبشكل عادي وطبيعي شخصاً ادّعت أنّه من الرقاة قدّم لعموم المؤمنين بالعقيدة الكريمة رأيه في الهزيمة التي تعود أسبابها إلى مؤثرات السحر والرجيم الشيطاني ( كما جاءت على لسانه).. بل اطمئن جمهور الفقاقير هناك بالعمل إلى جانب بلماضي لإعداد ما يلزم بطلان هذا السحر في القادم من المقابلات.. عاجز عن فهم ما وقع ويقع هناك.. لمنّى قادر أن أقول بأن الجنيرالات أدلجوا شعبا بكامله.. وجعلوه يرفض هزيمة فريقه الوطني.. ويقبل بكل خضوع واستسلام ومذلة الانتظار طويلا في الطوابير من أجل لتر زيت.. أو كسر خبز وخنشة حليب.. لذلك حين هنأته بالهزيمة في الميدان الرياضي فمن أجل أن يبحث عن فريق وطني قادر على هزم ودحر كل الخصاص المهول في المواد الغدائية.. في حده الأدنى على الأقل.. أما الجنيرال شنقريحة وعصابته ككل بارونات العالم لا دين لهم ولا وطن يوسف غريب