في عالم الرياضة عموما وكرة القدم خصوصا الهزيمة واردة، وفي نهاية أي مباراة لابد من فائز كما لابد كذلك من خاسر، وهذا هو المنطق، لكن في الجزائر جارتنا الشرقية إعلامها خرق المنطق وخرق كل شيء مروجا لرواية يلعب بها على وثر عاطفة الجزائريين، ويخدرهم بما يسمى أفيون الشعوب لكي ينسوا المشاكل التي يتخبطون فيها والطوابير الطويلة التي يقفون بها لساعات طمعا في قنينة زيت أو كيس من الحليب، بعدما ظل يروج لخبر مفاده أن المنتخب الجزائري في طريقه لكسر الرقم القياسي في سلسلة اللاهزيمة الذي حققته إيطاليا وتحتفظ به منذ سنوات، إلى أن جاءت هزيمة الأمس أمام منتخب غينيا الإستوائية في كان الكاميرون، ونزلت كقطعة ثلج باردة على الجزائر والجزائريين وبالأخص على نظام العسكر الذي ظل يستغل المنتخب لغض الطرف عن واقع الجزائر وحقيقة الأوضاع الاجتماعية والأزمات المعيشية التي تتخبط فيها البلاد جراء سياساته. لقد كانت هزيمة أبناء جمال بلماضي بمثابة رصاصة في صدر شنقريحة ودميته عبد المجيد تبون الذي كنا نتنتظر منه أن يدعم منتخبه على حساباته بمواقع التواصل الإجتماعي كما دأب على ذلك عندما ينتصرون، فلربما كان عليه أن يشجعهم بتدوينة أو تغريدة من قبيل " مليون ونصف مليون هاردلك للمنتخب الجزائري"، لكي يشجعهم على تفادي الإقصاء في المباراة الأخيرة ومغادرة البطولة من الدور الأول، في وقت العسكر يمني النفس في الفوز بهذه البطولة وجعل الجزائريين يعيشون الأفراح بالرياضة بعدما عجز هو عن إدخال هذه الفرحة على قلوب الجزائريين، اللهم إدخال كل من تجرأ على انتقاده وانتقاد شنقريحة للسجون والحكم عليهم بالإعدام. وفي هذا الصدد نشر الناشط الفيسبوكي والمعارض الجزائري شوقي بنزهرة أمس تدوينة على صفحته بالفيسبوك، مباشرة بعد نهاية مقابلة الجزائروغينيا الإستوائية، قال فيها: "الاستفاقة من هزيمة المنتخب أمام غينيا الإستوائية ستكون صعبة على الشعب لأن تخذير كرة القدم كان الشجرة الوحيدة التي تغطي جحيم "الجزائرالجديدة" التي كلها طوابير وفقر وأزمات وإهانات دبلوماسية، وصار بسبب كل هذا بلدنا مسخرة بين الأمم"، مضيفا: " تسييس النظام والجنرالات للمنتخب هو واحد من العوامل التي فرضت ضغطا إضافيا على اللاعبين وجمال بلماضي الذي يبقى أجمل شيئ في الجزائر". إن نظام العسكر بالجزائر الذي استغل الرياضة التي ظلت عبر التاريخ المتنفس الوحيد للشعوب للهرب من سياسات الأنظمة الحاكمة الديكتاتورية كنظام شنقريحة وخالد نزار وتوفيق، يدفع اليوم الثمن بعدما سعى لتسييس منتخبه واستغلاله أبشع استغلال لكسب المزيد من الوقت والاستمرار في الحكم في وقت طالب فيه الجزائريون ولازالوا يطالبون برحيل العسكر وإقامة دولة مدينة، فمن غريب الصدف فمنتخب الجزائر وقع في كان الكاميرون مع منتخبات فتحت دولها قنصلياتها بالصحراء المغربية، لذلك الإقصاء أمام هذه المنتخبات بالنسبة لنظام شنقريحة هو بمثابة خسارة دبلوماسية وليست رياضية. ففي ظل المعطيات المتاحة حاليا وفي ظل طبيعة المجموعة التي يتوجد بها المنتخب الجزائري، وفي حالة أقصي هذا المنتخب من الدور الأول من البطولة المقامة بالكاميرون، فإننا لا نستبعد أن يخرج الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتصريح يحمل فيه مسؤولية ذلك للمغرب وحركة "الماك" وجماعة "رشاد" على غرار ما قام به ابان اندلاع حرائق الغابات بمناطق القبائل، فتبون الرئيس الصوري للجزائري لا يفوت الفرصة لتحميل المغرب مسؤولية أي مشكل تعاني منه بلاده من أجل تلميع صورة جزائره الجديدة، والتي هو وحده من يعلم أين يكمن ويتجلى الجديد فيها، رغم أن الطوابير الطويلة منتشرة في جل شوارع مدن ولايات البلاد.