المكان، فدان بدوار أهل الرمل التابع للجماعة القروية الكفيفات، دائرة اولاد تايمة بضواحي تارودانت. عقارب الساعة كانت في حدود الحادية عشرة قبل منتصف ليلة الجريمة على أبعد تقدير. وفي الضفة الأخرى، غير بعد عن مسرح الجريمة، كان الضحية بالقرب من مسكنه يقبع تحت نور القمر الذي أضاء سماء الدوار، وهو على حاله وفجأة رن هاتفه المحمول، فسارع إلى إلقاء نظرة لمعرفة صاحب المكالمة، حينها تعرق على صاحب الرقم، وعرف أنه زميله وصديقه المفضل من بين باقي أبناء الجماعة، الذي تجمعه به علاقة حميمية.. " الو فلان، فين كاين؟ ياك لباس.."، يسال الضحية قيد حياته، " شوف الله ارحم ليك الوالدين اخويا، راه فلان وصحابوا قبوطيني وبغاو يتكرفسوا عليا، وبغيتك تجي دابا تفكني منهم" يرد المنادي. اتخذ الضحية المزعوم طعما للإيقاع بالضحية المحتمل. لكنه رغم ذلك أخذ استغاثة صديقه على محمل الجد. على العكس من ذلك، كما صرح المتهمون أثناء تشخيص الجريمة، كانت المكالمة الهاتفية المتوصل بها مكيدة وخطة وكمين في نفس الوقت للانتقام من الضحية، وبعد تحديد هذا الاخير مكان وجود صديقه، هرول مسرعا في اتجاه الفدان، وبعد قطعه للمسافة التي تفصل بين مسكنه ومكان زميله، وصولا إلى المكان المحدد وسط أشجار كثيفة، أول شيء أثار انتباهه وجود زميله مكبل اليدين والرجلين، ومع أول محاولة منه لإنقاذ زميله من محنته، فوجئ بوابل من الحجارة من مختلف الأحجام تتقاطر عليه من أنحاء عدة، بهذه الطريقة وبعد تعرض الضحية للضرب والجرح حسب ما صرح به المتهمون السبعة أثناء تشخيص الجريمة، بدأت قوى الضحية تنهار شيئا فشيئا، فتحول من شخص مفتولة العضلات ذي بنية جسماينة قوية إلى شخص واهن، وضعيف أمام المعتدين. وتبعا لمقولة “الحمية تغلب السبع" أقدم المتهمون على جره بطريقة سريعة من وسط الفدان الذي سقط فيه في اتجاه وسط الطريق، في حين تكلف أحد المتهمين الآخرين باستقدام زميل الضحية المكبل، على متن دراجة نارية، ومن أجل إيهام الضحية أن زميله هو الآخر سيعرف نفس المصير وينال نصيبه من العقاب، قام المتهمون بتكبيل كل من الملقب ب"معيزو" وزميله والضحية على شاكلة الأفلام الأمريكية، وذلك بتقييد رجل “معيزو" اليمنى برجل الضحية اليسرى والعكس، بعد ذلك قام أحد المتهمين بتوجيه عدة ركلات إلى “معيزو" للإيهام بأنه ينال حظه من التعذيب، ودائما من أجل إيهام الضحية أن زميله المكبل يعتبر عدوا لباقي أفراد العصابة، من ثم جاء الدور على الضحية، حيث نال العديد من الركلات، بل الأكثر من ذلك تعرض إلى عقاب شديد من أنواع الأسلحة البيضاء طعنت جسده، حيث استعمل المتهمون في حقه الحجارة وبعض السكاكين ثم آلة حادة “شفرة" وهي الأداة التي تستعمل لتقليم بعض أغصان الأشجار، حيث كانوا يرغبون من وراء ذلك في التمثيل به فقط. ظل المجرمون على حالهم إلى أن أغمي على المتهم، والحالة هذه، قام المشتبه بهم بفك قيود زميلهم ثم لاذ المتهمون بالفرار في اتجاه المجهول، تاركين الضحية لمصيره المجهول يصارع الموت، حيث بقي على هذا الحال إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بجروحه قبل بزوغ فجر ليلة الحادث. ومع الساعات الاولى من يوم اكتشاف الجثة، وبعد الابلاغ عن الحادث المأساوي، هرعت عناصر الدرك الملكي بالأود تايمة الى المكان المحدد، حيث تم فتح تحقيق في النازلة، انطلقت فصوله بالاستماع الى شهود عيان. اهتدى المحققون إلى أحد المجرمين، في شخص المدعو “معيزو"، وبايقافه ومحاصرته بجملة من الأسئلة ومدى معرفته بمرتكبي الجريمة، خرج هذا الاخير عن صمته ليعترف بما اقترفت يداه كاشفا عن أسماء وهويات باقي أفراد العصابة، الذين اعتقلوا تباعا.