مند أسبوع كامل وساكنة دوار "لمدنا" بجماعة "مستي" إقليمسيدي إفني تحاول انتشال جثة العجوز محمد كوزي من تحت الأنقاض في غياب أي تدخل للسلطات ولجنة اليقضة. ففي كل صباح، ومنذ يوم الجمعة الماضي (قبل 8 أيام)، تلتئم ساكنة الدوار للبحث تحت الأنقاض بوسائلها البدائية والخاصّة لعلها تعثر على جُثة "دّا محمد" ذي الثمانين عاما من العمر. ويتّجه مواطنو القرية، نساء ورجالا وأطفالأ حفاة حاملين الفؤوس والرفوش، إلى المكان الذي يُعتقد أنّ جثة "دّا محمد" مدفونة تحت أنقاضه، ومنهم من ينبش الأنقاض بيديْه العاريتين. نساء الدوار وشيوخها يتحدون ويضعون يدا في يد لمواجهة الحادث المأساوي الذي ألمَّ بدوارهم الأسبوع الماضي وحوّل بناياته البسيطة المبنية في أغلبها بالطين والحجر إلى أنقاض. ويقول السكّان إن صخوراَ كبيرة مدفوعة بسيول المطر تدحرجت فوق قمة الجبل لتصل إلى سفْحه حيث كانت منازل الساكنة قائمة، فقسمت الدوار إلى شطريْن وتحوّل إلى أتربة، وقتلت العجوز محمد كوزي، الذي لا زال تحت الأنقاض، فيما نجت مجموعة من النساء ورجال الدوار من موتٍ محقّق. "يوم الجمعة 28 نونبر سيظلّ راسخا في ذاكرة ساكنة الدوار" يقول محند ابن الشيخ الثمانيني، ويضيف "تناولتُ وجبة الغذاء مع باقي أفراد الأسرة وخرجت لاستطلاع أحوال الجيران وساكنة الدوار، وفجأة سمعت دوي انفجار قوي هز أركان الجبل المحاذي للدوار". حينها -يروي امحند- وفي رمشة عين، تهاوت كتل من الأحجار ودحْرجتها سيول مجرى الماء الذي يتوسط الجبل، زاحفة نحو الدوار فقسمته إلى قسمين وحولت المنازل إلى أجزاء، مخلفا مصرع الشيخ محمد كوزي. حمولة الوادي الذي دمّر القرية أدّى، أيضا، إلى نفوق رؤوس من الأبقار والماشية، وأودى بمجموعة من أجباح النحل، وتهدّم كل شيء وفقدت الساكنة كل ما تملك ورائحة الموت تفوح من كل مكان في الدوار. وأمام غياب أي تدخل من طرف السلطات التجأت الأسر المنكوبة إلى الجيران في الدواوير الأخرى، الذين بدورهم يعانون نقصا حاد في المؤونة وزاد من عزلتهم انقطاع المنفديْن إلى الدوار حيث جرفت السيول الطريق التي شيدتها الساكنة بأيديها وإمكانيتها البسيطة وحولتها إلى وادي جرف معه كل شيء. ومنذ ذلك الحين صار الوصول إلى الدوار شبه مستحيل، ومن أراد من السكّان التسوق أو قضاء أي غرض يلزمه قطع مسافة 14 كيلومترا ذهابا وإيابا مشيا على الأقدام أو على ظهور الدواب. ساكنة الدوار مازالت تنتظر التدخل العاجل لإنقاذها من الجوع والبرد وانتشال جثّة الشيخ محمد من تحت الانقاض. "وغير ايجيو اجبدو هاد السيد مسكين ندفنوه" يقول محمد حيداك مضيفا "راه كارثة هادي". وأضاف أنّ الرائحة الكريهة الناجمة عن نفوق رؤوس المواشي بدأت تخرج من تحت الأنقاض، محذرا من كارثة بيئية قال إنها ستحل بالدوار نتيجة تحلل المواشي والأبقار وكذا جثة الشيخ المتوفيّ، والتي ينام سكان الدوار، بمن في ذلك الأطفال بجوارها. ويتساءل سكان الدوار عن الوسائل اللوجستية والبشرية التي قال وزير الداخلية إنه وضعها رهن إشارة والي كلميم وعامل سيدي إفني قصد التدخل في مثل هذه الحالة، وختم محمد احتجاجه بالقول "و راه ماكين والو غير الكدوب أو التصاور الله اعفو علينا". الوضع الماساوي الدي تعيشه ساكنة دوار "المدنا" دفع بفعاليات جمعوية وشبابية إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر جماعة مستي للمطالبة بالتدخل العاجل لانقاد الساكنة من الأوضاع التي يعيشونها والتي تزداد تفاقما يوما بعد يوم.