بجبال ورزازات كارثة إنسانية جرّاء الإمطار الطوفانية التي هدمت ما هدمت من منازل وجرفت الأودية ما جرفت تاركة ساكنة مجموعة من الدوواير تعاني العزلة وتبيت في العراء دون اغدية ولا افرشة. أزيد من 3000 منزل تهدّمت بالكامل و1800 انهارت جزئيا بجماعة تلوات المحاصرة وبدوار تلات إمزيلين. بمركز الجماعة القروية أطفال ونساء حوامل يستغيثون من أجل لقمة تقي بطونهم من الجوع. تراهم يلتحفون أجزاء من البلاستيك للوقاية من البرد والثلوج بعد أن فقدوا ملابسهم التي تهدمت عليها البيوت، ويجتمعون في غرفة واحدة تأوي العشرات بدورها مهددة بالانهيار. وغير بعيد عن دوار تلات امزيلن، الخراب في كل مكان بدوار امونين؛ عشرات المنازل تهدمت والساكنة في عزلة بجبال وارزازات وداخل غرف ضيقة مشيدة بالطين تعيش عائلات يصل عدد أفراد بعضها إلى 35 فردا، مثلما هو حال عائلة بوضنيك محمد. وبدوار تبوكمت بنفس الجماعة أزيد من 80 منزلا تهدمت، ويتأمّل أطفالها ونساؤها الحوامل الخراب وما تبقّى من الأطلال، في انتظار الأسوأ بعد أن بدأت الثلوج تتساقط، مما سيزيد من عزلتهم القاتلة. خراب المنازل والحظائر دفع الناس إلى بيع ما تبقى من مواشيهم وأبقارهم التي أصبحت عالة عليهم؛ تقول زبيدة "البهايم ديال الناس سمحو فيهم أرا غير ما نديو مع الدراري، لا نملك ما نسدّ به جوعنا خلي عليك الكسيبة". بعض الأسر فضّلت مغادرة الدواوير والاتجاه خارج الإقليم وشدّت الرحال صوب إقليمالحوز وأكادير ومراكشن، ومجموعة من الأسر فضلت البقاء ومواجهة المصير المحتوم، تنتقل من بيت إلى بيت في غياب ملجأ يحميها من البرد والجوع، وغياب أي ملجأ يأويهم. أما بمنطقة تلوات فقدْ فقَدَ الناس كل شيء، المنازل والحظائر والحقول والمواشي ولم يتبقّ إلا أطلال المنازل شاهدة على ما فعلته السيول. وبجماعة أيت زينب كان واد أونيلا هو الممر الوحيد إلى مجموعة من الدواويرر بعد أن جرفت سيول الوادي القنطرة، ولم تبقَ إلى صخور يقفز فوقها المتوجهون من سكان الدواوير نحو مركز الجماعة بعد نقص حمولة الواد، حاملي المؤن من قارورات الغاز وأكياس الطحين والشاي والسكر استعدادا لما ستحمله الأيام القادمة. وفي انتظار التدخل لا انقاد ما يمكن إنقاده تبقى ساكنة جماعة أيت زينب وتلوات في مواجهة المجهول.