تعرضت الإدارة المحلية لجماعة العاصمة إلى زلزال عنيف بعدما تم توقيف الكاتب العام لهذه الإدارة، وهو أعلى سلطة في هرمها ويمتعه قانون الجماعات المحلية باختصاصات مهمة وكبيرة منها إشرافه المباشر على كل المصالح التابعة للجماعة وعلى موظفيها البالغ عددهم حوالي 6000 موظف. وفي أعدادنا السابقة تطرقنا بتفصيل إلى ملف التوظيفات والصفقات، والموظفين الأشباح، وشلل الإدارة الجماعية وانتشار الرشوة، وتعطيل مصالح الناس حتى أصبح الحصول على عقد ازدياد يتطلب أسبوعا كاملا. وحلت لجنة من الوزارة الوصية بمصالح الجماعة، تلاها قضاة من المجلس الأعلى للحسابات التي قد تكون فتحت ملفات التوظيفات ويتداول بأنها اكتشفت توظيف 176 شخصا بطريقة لم تحترم القواعد المعمول بها. وقالت مصادر مطلعة بأن ثقبا ماليا كبيرا ربما يكون حصل في مصلحة مهمة تعنى بالتجهيزات التقنية. وحتى هذا الملف سبق للجريدة أن تطرقت إليه، وإذا كان الكاتب العام أبعد بصفة نهائية عن الجماعة وإسناد مسؤولياته رسميا إلى الكاتب العام لمقاطعة السويسي، فإن توقيف ثلاثة رؤساء مصالح، والاستماع إلى آخرين في محاضر رسمية، كلها مؤشرات تدل على وجود خلل ما في مصالح الجماعة، ودائما حسب ما يتداول في المنح الجمعوية التي قد تخضع لمراجعة قائمة المستفيدين، وأيضا في التنقيب عن مآل المليار المخصص للأعمال الشاقة وهو المليار الممنوح للموظفين الذين يشتغلون في الأوساخ، وكثيرا ما احتج الموظفون على عدم استفادتهم من هذا المليار الثقيل. وفي آخر الأسبوع الماضي ومع هذا الزلزال الإداري، توصلت كل المقاطعات بمذكرة من سلطات الوصاية تأمرها بإعادة انتشار موظفيها، مما يفسر أن هناك تقصيرا في المجال الإداري وفي ضبط سير المصالح. والإجراءات المتخذة من توقيفات واستماع، من شأنها أن تجعل حدا للتسيب الذي تعرفه الإدارة المحلية من جهة، ومن جهة ثانية ستلزم رؤساء المصالح والموظفين بعدم التدخل لا من بعيد ولا من قريب للدعاية أو مساندة أي مرشح للانتخابات والالتزام بحياد الإدارة المحلية لجماعة الرباط. وللتذكير، فهذه المرة الأولى التي تتعرض فيها الإدارة المحلية التابعة لسلطات العمدة إلى هزة عنيفة زلزلت كراسي مسؤولين وأطاحت بموظفين كبار. ونعتقد بأنها بداية لإصلاحات في جماعة الرباط التي لم تشهد أي تغيير في هياكل مسؤوليها منذ وصول العمدة الاشتراكي إلى المسؤولية، وما وقع ليس إلا الشوط الأول من الإصلاحات قد يبدأ الشوط الثاني بعد تاريخ الانتخابات.