دعا محمد الفيزازي، أحد شيوخ السلفية الجهادية الذي خرج أخيرا من السجن بموجب عفو ملكي، إلى الحوار مع جماعة العدل والإحسان ودعا الجماعة إلى النزول إلى طاولة الحوار، والفيزازي يعرف أن الذي ما زال مصرا على رفض الحوار هو الجماعة لأن الدولة قد دخلت في وقت سابق في حوار مع الجماعة لم يسد بابه سوى تمسك الجماعة بأفكارها المتنطعة، وبالتالي فإن الرسالة تحمل خطابا مبطنا للجماعة كي تدخل في الحوار إن كانت تريد تجنب الفتنة وتجنيب البلاد متاعب لا حاجة لها بها كما تدعي. وأراد الفيزازي من خلال هذه الرسالة التي حملت عنوان "آما أن نتحاور" أن يقيم الحجة الدينية على جماعة العدل والإحسان حتى لا يبقى أمامها ذريعة تتذرع بها، ومنها أن القرآن الكريم، الذي تدعي الجماعة التمسك به، يقول وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى، بمعنى أن الجماعة عليها أن تتخلى عن افتعال الأحداث والأخبار التي تثير التوتر وتدعو إلى الفتنة وزعزعة الاستقرار، أما العدل الذي هو جزء من "لوغو" الجماعة فيعني فيما يعنيه أن من قام بشيء جيد وفيه خير البلاد والعباد علينا أن نقول إنك فعلت جيدا. وعدد الفيزازي الكثير من ذلك قائلا "إلا أن التطاول على ملك البلاد ورفع شعارات إسقاط النظام تصريحا، أو تلميحا عبر شعارات (الله يبارك في عمر شعبي) أو (يحيى الشعب) أو (الله الوطن الشعب) مثلا، وهي العبارات المتعارف عليها أنها تخص الملك، فيه استفزاز للشعب الذي يحب ملكه أكثر من استفزاز الملك شخصيا. كما أن بخس الدولة حقها في كثير من منجزاتها العملاقة في البنية التحتية والتنمية البشرية والعمران والصناعة والازدهار الملحوظ في شتى الميادين على الرغم من الأزمة المالية العالمية وعلى الرغم من أننا لسنا دولة نفطية... فيه عدم العدل في القول وتحامل بطعم زرع التيئيس والعدمية. على حين تكفي مقارنة بسيطة مع جيراننا (ليبيا والجزائر) الذين لهم من الغاز والبترول والعملة الصعبة ما يجعلهم يعيشون فوق سطح القمر ومع ذلك فالمغرب يبدو أنه أرقى وأنقى". فليس من العدل أن ننظر إلى النصف الفارغ من الكأس أو ربعه ولا ننظر للأجزاء الممتلئة وهي كثيرة كما أن هناك معيقات ينبغي تجاوزها وهو ما شرع فيه المغرب منذ التصويت على الدستور الجديد. وحاول الفيزازي أن يذكر، من باب وذكر، الجماعة بضرورة الحوار انسجاما مع حجمها الطبيعي لأن الجماعة تعيش حالة تضخم الأنا حيث تعتبر نفسها في مقابل الدولة في الوقت الذي ليست فيه سوى أقلية قليلة مصرة على المعارضة. ومن الرسائل التي أراد تبليغها للجماعة هو ألا تعول على حراك الشارع لأن الزواج بينها وبين حركة 20 فبراير هو زواج مصلحي سوف ينتهي إلى الطلاق الثلاث بعد حين يوم تصل التناقضات حدها. فكل الحجج المنطقية والشرعية والسياسية تقول بأنه على الجماعة أن تدخل العملية السياسية من باب الحوار لا من غيره