في الحكاية المغربية أن رجلا احترف شهادة الزور، فكان يشهد في كل القضايا التي لا يعرف عنها شيئا، ويذهب للمحكمة يبحث عن راغب في الشهادة مقابل مبلغ مالي، ذات يوم استيقظ ضميره وقرر التوبة، وباع قطعة أرض كي يذهب إلى الحج، وقبل أن ينطلق موكب الحجيج إلى بيت الله، مد بطاقته لولده قائلا له: خليها عندك إذا أراد شخص الشهادة فاشهد باسمي. ونعم التوبة. ربما الماء يروب وربما إبليس يتوب ولن تتوب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن اقتراف الذنوب والكذب على الشعوب، وذلك باسم حقوق الإنسان، والحقيقة أنه باسم الحسابات البنكية والمبالغ المالية التي ترد عليها من كل بقاع المعمور. الجمعية لن تتوب عن خيانة الوطن. وفي مواطن الامتحان يظهر الخائن من الوطني. ورحم الله عبد الرحيم بوعبيد كان معارضا شرسا للنظام وطنيا في مواقفه لم يبع مواقفه بالذهب، وكان بإمكانه ذلك لأنه شخصية كارزمية وليس كارتونية مثل قيادات الجمعية. الامتحان اليوم صعب. الجيش الجزائري يعتدي على مواطنين مغاربة. جنود يستعملون رشاشات قنص لاصطياد مغاربة واحد منهم حالته حرجة جدا. رصاصة الرحمة على ما تبقى من آمال عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الجزائرية. وقف المغرب قاطبة في مواجهة هذا السلوك الأرعن، الذي ينم عن حقد العسكر الجزائري وعلى التحرش الدائم بالمغرب. وقف المغرب دولة وحكومة وشعبا ضد هذا الفعل. واصطف في الموقف الرافض لهذا السلوك المعارض مع المؤيد مع الذي لا انتماء سياسي له، ووقف أشد الخصوم صفا واحدا ضد الاعتداء الهمجي على المواطنين المغاربة، والكل يقول بصوت واحد: كفى رعونة يا حكام الجزائر إن الطيش لا يفيد أحدا والتهور لا قيمة له. وحدها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حادت عن السرب وسارت على الدرب. درب الخيانة. حيث قررت عدم التعاطي مع الموضوع نهائيا، وكأن المواطن المغربي، الذي يرقد بين الحياة والموت لا يستحق أن يتمتع بحق الحياة التي وهبها الله. وكأن حقوق الإنسان قابلة للتقسيط. كنا ننتظر من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن تراسل المنظمات الحقوقية الدولية، وأن تندد على ملء الأشهاد بما اقترفه الجيش الجزائري، وأن تصدر البلاغات، التي اعتادت عليها، وأن تنظم وقفة احتجاجية أمام السفارة الجزائرية وتعتبرها سفارة دولة محاربة للمغرب. لكن "لمن تقرأ زابورك يا داود"، فالجمعية تربت على الخيانة ولا تنفصل قصتها عن قصة شاهد الزور، وولغت في قاذورات النظام الجزائري وعائدات نفطه وغازه، وذلك مقابل التآمر على المغرب ومساندة البوليساريو. فمن شب على الخيانة شاخ عليها، ومن يسير الجمعية شيوخ شبوا على تهنئة جبهة البوليساريو بذكرى تأسيس الجمهورية الصحراوية الوهمية منذ منظمة إلى الأمام وحزب النهج الديمقراطي، الذي يسيطر بمفرده على هياكل الجمعية.