لم يكن الانفصاليون، ومن والاهم من محتضنهم الرسمي، النظام الجزائري، ينتظرون الصفعة المدوية التي وجّهها لهم الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، من منبر الأممالمتحدة التي كان يتحدث منه بصفته رئيس الاتحاد الإفريقي، أمام الدورة التاسعة والستين للمنتظم الدولي. الصفعة كانت قوية لدرجة أن "البوليساريو" وأولياء نعمتها ، كانوا على عجلة من أمرهم لتدبيج مقالات المدح والثناء للرئيس الموريتاني وموقفه من قضية الصحراء . لكن سقط في أيديهم وهم الذين كانوا ينتظرون أن يردد على أسماعهم أسطوانة «الجمهورية الصحراوية"، وذراعها الانفصالي، و"تقرير المصير في الصحراء «.. وهي الأسطوانة التي ما عاد أحد يلتفت إليها فبالأحرى أن يستمع لها . كانت الدهشة أكبر من أن يتحمّلها الانفصاليون وهم يتابعون خطاب الرئيس الموريتاني الذي استعرض مختلف القضايا التي تهم إفريقيا من دون أن يدغدغ عواطفهم بجمل "الجمهورية الصحراوية " ،وتقرير المصير" ، و"جبهة البوليساريو المناضلة ". بل لم يأت على ذكر حتى كلمة "الصحراء الغربية " ، وهم الذين كانوا ينتظرون منه الشيء الكثير من قبيل الحديث عن "النزاع الطويل" المفتعل ، و إدانة "الاحتلال " ، و"انتهاكات حقوق الإنسان بالصحراء " .. بوصفه الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي. لكن خطاب الرئيس ولد عبد العزيز لم يأت على الجملة التي ظل الانفصاليون ينتظرونها على أحرّ من الجمر . للترويح عن النفس ، عوّض الانفصاليون الهجوم على الرئيس الموريتاني وبلده ،بالحديث عن ضرورة "السير معا إلى الأمام " ،وتناسي "مخلفات الماضي" ، و"استشعار المخاطر المحدقة بنا " والعمل على ذرئها "، و"استثمار ما لدينا من مقومات مشتركة في تقوية اللحمة " ، وغيرها من جمل الغزل البائرة . كل هذا، والبقية في الطريق، لأن الرئيس الموريتاني تحاشى الحديث عن موضوع الصحراء وهو الذي يعرفه أكثر من الانفصاليين أنفسهم. لقد كان رهان "البوليساريو" والنظام الجزائري كبيرا على خطاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي تحدّث عن مختلف القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية بالقارة السمراء ، والنزاعات في الصومال وليبيا ونيجيريا ووسط إفريقيا ومالي و السودان ، بل تحدث عن الوضع في أوكرانيا وضرورة إيجاد حل سريع لأزمتها ، ولم ينبس بكلمة واحدة عن الصحراء ... المغربية. بالطبع ، ستطبّل "البوليساريو" لكلمة النظام الجزائري التي ألقاها وزير خارجيتها رمطان لعمامرة ، المهووس جدا بالمغرب ، الذي لا يترك أيّ مناسبة دون أن يعرّج فيها على الإساءة للمملكة بكل ما يعرف من مصطلحات الكراهية والحقد ، ويصبّ جامّ غضبه على أيّ خطوة أو مبادرة للرباط حتى ولو كانت لا تعنيه ، قبل أن يختتم كلامه ب"ليس لنا أيّ مشكل مع المغرب ". صفعة مدوية تأتي من أعلى منبر الأممالمتحدة ، ومن رئيس موريتانيا الذي خيّب آمال جبهة الانفصاليين التي يوجد مقبعها في الجزائر تحت دفء النظام الحاكم فيها . حمادي الغاري