في إطار مزايداتها المتكررة، قامت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراسلة وزير العدل والحريات، مدعية أن الدولة مستمرة في انتهاك حقوق الإنسان، مطالبة الوزير بتقديم الحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتعرضون للاختطاف من قبل جهات مجهولة كما يتعرضون للتعذيب والاغتصاب. وتعتبر الرسالة بتعميمها لوجود الاختطاف محاولة للدفاع عن الباطل، فالدستور المغربي كان صارما في ضمان حماية المجتمع المدني، وتجريم التعذيب، كما وضع الآليات الكثيرة لحماية حقوق الإنسان، وذلك من خلال مؤسسة الوسيط والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكلها آليات كي لا يعود التعذيب في أي لحظة من اللحظات. والمغرب أصبح بشهادة منظمات ومسؤولين دوليين معيارا في العدالة الانتقالية، حيث تم اختياره بجانب أربع دول كنموذج في هذا المجال، كما سبق للمفوض الأممي حول التعذيب أن زار المغرب وجاء تقريره خاليا من تهمة استمرار التعذيب باعتباره نهجا حكوميا وأن حالات التعذيب هي حالات معزولة. لكن وحدها الجمعية المغربية ومن يدور في فلكها ما زالت مصرة على أن التعذيب مستمر في المغرب وكذلك الاختطاف. وذكرت الجمعية في رسالتها ثلاث حالات مشهورة في الآونة الأخيرة إما بتسجيل فيديوهات أو إصدار بيانات تتحدث عن الاختطاف والتعذيب الذي تعرضوا له. كانت البداية بحالة وفاء شرف، عضو حزب النهج الديمقراطي والجمعية المغربية وحركة 20 فبراير، هذه المناضلة ادعت اختطافها من قبل عناصر مجهولة، هذه المزاعم أخذتها مصالح السلطة محمل الجد، حيث أجرى أكثر من جهاز أمني تحريات متواصلة وتبين أن مزاعم وفاء شرف مجرد أكاذيب. وكانت النيابة العامة قد أمرت الشرطة القضائية بالاستماع إلى وفاء شرف في محضر رسمي، وأثناء الاستماع إليها رددت أنها تعرضت للاختطاف والتعذيب من طرف أشخاص مجهولين لم تتعرف عليهم، على خلاف مزاعمها السابقة، وفق بيان وكيل الملك، وذلك خلافا لما صدر من بيانات من طرف النهج والجمعية وحركة 20 فبراير. وكان وكيل الملك بالمحكمة الزجرية بالدارالبيضاء أصدر بلاغا أعلن فيه أنه سبق لأسامة حسن، مناضل من حركة 20 فبراير، أن ادعى في شريط تم بثه على شبكة التواصل الاجتماعي يفيد بأنه تعرض للتعذيب والعنف وهتك العرض. واستوجب ذلك، حسب بلاغ وكيل الملك، إجراء أبحاث معمقة ودقيقة، وقد عهد بها إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، وقد خلصت الأبحاث والتحريات، استنادا إلى تسجيلات بعض كاميرات المراقبة وتحليل معطيات تتعلق بالاتصالات الهاتفية للمعني بالأمر وشهادة الشهود، بالإضافة إلى عدم معاينة أي آثار للعنف أو التعذيب عليه بحضور محاميه وامتناعه عن إجراء خبرة طبية شرعية، إلى أن ادعاءات المعني بالأمر المنشورة على العموم تم اختلاقها ولا أساس لها من الصحة. ومن بين الأسماء التي ذكرتها رسالة الجمعية عبد العالي جاوات، المناضل بشبيبة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي نفى في محضر الاستماع إليه أن يكون قد أصدر أي بيان يتحدث عن اختطافه وإنما تم الاستماع إليه في إطار إجراء عادي للتحقق من الهوية.