من سوء الحظ أن بعض المغاربة يختارون في بعض اللحظات أن يبيعوا أنفسهم بثمن بخس دولارات معدودات، رغم أن تاريخ المغرب يدل على أن المغاربة هم عنوان عزة النفس والكبرياء، وحتى في لحظات الاختلاف مع النظام كانوا حريصين على خدمة بلدهم، وخرج مناضلون من السجن مباشرة ليجوبوا العالم دفاعا عن وحدة المغرب الترابية وعلى رأسهم الراحل عبد الرحيم بوعبيد، لكن أن يخرج شخص مثل زكريا المومني، بطل الملاكمة السابق، للحديث عن حقوق الإنسان فتلك آفة الزمن الذي أصبح فيه الحديث بالمجان، وآفة الصحافة التي تبحث عن التفاهات لإنقاذ نفسها من الإفلاس. ففي رسالة مفتوحة نشرتها لوفيغارو تبين أن صاحبها تافه والجريدة أتفه. فهي رسالة يمكن وصفها ب"المثقوبة" لأنها لا تتبع منهجيات الرسائل المفتوحة والمعروفة، كما أن ناشريها لم يتبينوا أن الملاكم السابق لا يميز بين أزرار الحاسوب والنقر عليها وبين اللكمات التي تلقاها في حياته. فزكريا المومني يُحسب له أنه شجاع في أن يبين عن عورته ليس مثل البعض. فهو لما يئس من الحصول على مزيد من الامتيازات لجأ إلى أسلوب الابتزاز الرخيص. وكي يكملها ويجملها قال غنه ليس في حاجة إلى الجنسية المغربية وأنه أصبح فرنسيا. من مات من شياطين الخيانة خفف على ملائكة الوطن. الجنسية المغربية ليست سلعة معروضة للبيع ولا يمكن أن يلبسها من لا يستحقها. فالمومني يتحدث عن الجنسية وكأن هناك من يرغب في بقائه مغربيا. لا أبدا المغاربة لا يقبلون الخونة مهما كان موقعهم الاجتماعي. بل لا يستحقون حتى الدفن في مقابر المغاربة. لأن الجنسية المغربية دافع عنها المغاربة بالغالي والنفيس، واسترخصوا من أجلها الأرواح والدماء. وبمناسبة ذكر الجنسية المغربية نريد أن نقول للفرنسي أو المتحول الفرنسي مقابل مبالغ الخيانة إن الامتيازات التي حصلت عليها خاصة بالمواطنين المغاربة، فلا يمكن لأجنبي الحصول على مأذونية للنقل وبالتالي فإن تخلي المومني عن الجنسية المغربية يجعل المأذونيات في حالة غير قانونية. وإذا كان المغرب قد طلب توضيحات من السلطات الفرنسية بخصوص الشكايات الكيدية التي وضعها أشخاص من ذوي السوابق ضد مسؤولين مغاربة فإننا المومني غير معني بهذه التوضيحات. "آش دخل كرموستك فالشريط يا المومني؟". ومن غرابة التوضيحات التي قدمها في رسالته هو تكراره للمسرحية غير المحبوكة والتي أخرجها أعداء المغرب، والحديث عن تعذيبه بالمغرب، دون الحديث عن خلفيات اعتقاله المتعلقة بالاعتداء على مواطنين تابعوه في شكايات أمام المحكمة. لقد تحول المومني بأفعاله وسلوكاته إلى مرتزق حقيقي يسعى بدون كلل إلى الإساءة لصورة المغرب مستغلا لقبه كبطل للعالم سنة 1990، في رياضة اللايت كونتاكت لتحقيق أهداف ريعية لاعلاقة لها بالرياضة ونبلها. فحقيقة زكريا المومني أنه في فبراير 2010 تقدم مواطنان مغربيان وهما مصطفى اوسكات وإدريس السعدي بشكاية لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط يتهمان من خلالها المومني بالنصب والاحتيال وانتحال صفة، وذلك بعد استحواذه عن طريق النصب على مبلغ 28 ألف درهم تخص المشتكين مقابل وعدهم بالحصول على عقود عمل بدول أوربية وقد أفاد المشتكيان بان زكريا المومني قدم إليهما من طرف احد شركائه المدعو " سلطان" باعتباره احد الشخصيات النافذة بالمغرب. وإذا كانت العاهرات يستحيين من إتيان بعض الأفعال امام العموم فإن زكريا المومني ليس لديه وجه "يحشم عليه" فادعى أن امحند العنصر، وزير الداخلية السابق، اتصل به وقال له إنه لا يمكن محاسبة الأشخاص الذين عذبوك. هذا الأمر مضحك لأنه لا يمكن ان يحدث لأن المومني أجرم في حق مواطنين وقضى جزءا من العقوبة وتم العفو عليه فيما تبقى منها. ومن المفارقات العجيبة التي يعيشها المومني هو أنه تقدم بشكاية ضد مسؤولين مغاربة لدى قضاء أجنبي، طبعا هو نفسه أصبح أجنبيا عن المغرب، وفي الوقت نفسه يكتب رسالة إلى جلالة الملك، فالملك دستوريا هو رئيس الدولة المغربية، وهو الذي يترأس المؤسسات وهو الذي أرسى دعائم دولة جديدة من خلال خطاب التاسع من مارس الذي كان فاتحة لدستور جديد عزز حماية حقوق الإنسان ووفر لها آليات كثيرة ومؤسسات وجعل التراجع عنها محرما كما أرسى دعائم الديمقراطية وجعل الخيار الديمقراطي ثابتا من ثوابت الدولة المغربية. فالمومني اختار أن يكون فرنسيا، فله الحق في الخيانة، لكن كان عليه أن يلتزم بتبعات خياراته. فكان عليه أن ينسى أنه مغربي وبالتالي يتخلى عن المأذونيات التي حصل عليها ويعتبر رسالة إلى الملك الذي هو رئيس الدولة المغربية غير ذي جدوى مادام أصبح فرنسيا خائنا للمغرب.