قدمت المركزيات النقابية الثلاث، الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل، مذكرة نقابية مشتركة، تحمل صورة سوداء وقاتمة حول تفاقم تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، وارتفاع حالة الاحتقان الاجتماعي وتوسيع دوائر التذمر والغليان العمالي والشعبي، وانتشار مختلف الظواهر الاجتماعية السلبية التي قد تهدد الاستقرار الاجتماعي والتوازنات المجتمعية الهشة أصلا. ودعت المذكرة التي تتوفر "النهار المغربية" على نسخة منها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، إلى تنفيذ تعهداته التي أخذها في أول لقاء جمعه بالمركزيات النقابية، بأن يتفاوض كحكومة مع هذه النقابات حول كل القرارات والإجراءات التي تهم الطبقة العاملة المغربية، والذي التزم من خلاله بتنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق 26 أبريل 2011. واستغربت النقابات المركزية، لندرة اللقاءات التي جمعتها برئاسة الحكومة، معتبرة أنها كانت بدون جدوى، وافتقدت إلى المصداقية، وغلب عليها الطابع الشكلي، ولم ترق إلى مستوى الحوار الاجتماعي الممأسس، والمفضي إلى اتفاقات وتعاقدات ملزمة تكون لها قوة القانون. ودعت المركزيات النقابية الحكومة، إلى خلق شروط مفاوضات جماعية لتقدم البلاد وتطورها، بما يحفظ التماسك الاجتماعي، ويصون الحريات والمكتسبات، وذلك بالإسراع بتنظيم مفاوضات جماعية ثلاثية الأطراف وهي مفاوضات إن تمت بالشكل المطلوب ستقوي الثقة بين كل الأطراف الإنتاجية ببلادنا، مشيرة إلى أنها حتما ستفضي إلى نتائج ملموسة لصالح الوطن والطبقة العاملة المغربية وعموم المواطنين. وذكرت المذكرة بنكيران بتوجيهها له الدعوة عبر مراسلات منذ تحمله مسؤولية رئاسة الحكومة، لتنظيم حوار اجتماعي جاد ومسؤول، وتفاوض جماعي حقيقي، باعتبارهما الآلية الأنجع لضبط وتنظيم العلاقات المهنية، وتجنب التوترات الاجتماعية وصولا إلى تعاقدات ترقى بالأوضاع الاجتماعية والمهنية والمادية والمعنوية للطبقة العاملة المغربية وعموم الفئات الشعبية إلى الأحسن. ورصدت المركزيات النقابية التراجع في التضييق على الحريات النقابية، وطرد واعتقال ومتابعة المسيرين النقابيين لمجرد ممارستهم أنشطتهم النقابية، وإغلاق الوحدات الإنتاجية بدون سند قانوني، مما يعرض آلاف العاملات والعمال وعائلاتهم للتشريد والضياع والفقر والحرمان، وعدم الاستجابة لدعوات النقابات المتكررة المتعلقة بإيجاد الآليات الضرورية والملائمة لفض النزاعات الكبرى التي يعرفها عالم الشغل. وكشفت المذكرة عن وجود خرق سافر لبنود ومقتضيات مدونة الشغل وباقي القوانين الاجتماعية والمواثيق الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولية وغيرها، وغض النظر عن الترهيب الاجتماعي الممارس أمام مرأى ومسمع السلطات العمومية. ونددت المذكرة بالمحاولات التي أسمتها بالملتوية للتشريع في ميادين تهم بالدرجة الأولى الحركة النقابة ونموذج القانون التكبيلي لممارسة حق الإضراب الذي أعدته الحكومة في سرية كاملة، واستفحال الزيادات المتتالية في الأسعار، وتجميد الأجور والتعويضات والترقيات، بالقرار الانفرادي للحكومة المتعلق بالاقتطاع من معاشات المتقاعدين. واستاءت المذكرة لإقدام الحكومة الحالية، على الانفراد بالقرارات المتعلقة بصناديق التقاعد، والمقاصة وتغييب المفاوضات الجماعية، والتنكر للالتزامات السابقة، كما طالبت، بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع الأجراء بالقطاع الخاص، وبالتصريح الإلزامي بجميع المأجورين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتحسين الخدمات المقدمة من طرف جميع الصناديق الاجتماعية. وعن إصلاح أنظمة التقاعد دعت المذكرة إلى إعادة النظر في المقاربة الحكومية التي أسمتها بالأحادية التقنية المحاسباتية، لإصلاح أنظمة التقاعد، واعتماد تصور تشاركي شمولي يستحضر الحفاظ على ديمومة الصناديق، وتحسين الوضعية الاجتماعية للنشيطين والمتقاعدين، وتنافسية المقاولة الوطنية ضمن رؤية تضمن التوازنات المجتمعية. لكبير بن لكريم