أعلن أول أمس الإثنين، عن الشروع في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بالسياسة الجديدة في مجال الهجرة، حيث سيتم البدء في إعداد مكاتب للأجانب تتوفر على الوسائل البشرية والمادية الملائمة على صعيد كل عمالة أو إقليم من أجل تسلم والتأشير على طلب تسوية الوضعية القانونية، كما سيتم إحداث لجنة وطنية للطعن بمشاركة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن يتم خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى31 دجنبر تسوية وضعية الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية بالمغرب. ولقد أعلن عن انطلاقة تنفيد هذه المبادرة الملكية، أول أمس الإثنين، بالرباط في ندوة صحافية مشتركة حضرها كل من أنيس بيرو الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، ومحمد حصاد وزير الداخلية، والشرقي الضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، والمحجوب الهيبة المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، ومحمد اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وستهم هذه العملية الأجانب المتزوجين من مواطنين مغاربة والذين يتوفرون على ما يثبت ما لا يقل عن سنتين من الحياة المشتركة، وكذا الأجانب المتزوجين من أجانب آخرين مقيمين بصفة قانونية بالمغرب والذين يتوفرون على ما يثبت مدة لا تقل عن أربع سنوات من الحياة المشتركة. كما ستهم هذه العملية الاستثنائية كذلك الأطفال المزدادين في إطار حالتي الزواج سالفتي الذكر، والأجانب الذين يتوفرون على عقود عمل فعلية لا تقل مدتها عن سنتين، والأجانب الذين يتوفرون على ما يثبت إقامتهم بالمغرب لمدة لا تقل عن خمس سنوات متواصلة، فضلا عن الأجانب المصابين بأمراض خطيرة والموجودين فوق التراب الوطني قبل تاريخ 31 دجنبر 2013. كما ستتم أيضا تسوية وضعية طالبي اللجوء المعترف بهم من قبل ممثلية المفوضية العليا للاجئين بالمغرب ومكتب اللاجئين وعديمي الجنسية التابع لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون والمقدر ب850 شخصا. وفي هذا الإطار ذكَّر أنيس بيرو بسياق اعتماد سياسة وطنية جديدة للهجرة والمتمثل بالأساس في اطلاع جلالة الملك محمد السادس في 9 شتنبر 2013 على التقرير الموضوعاتي حول وضعية المهاجرين واللاجئين بالمغرب، المرفوع لجلالته من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وترؤس جلالته في 10 شتنبر 2013 بالقصر الملكي بالدارالبيضاء، لجلسة عمل، خصصت لتدارس مختلف الجوانب المرتبطة بإشكالية الهجرة، أصدر على إثرها جلالته توجيهاته السامية للحكومة للإسراع بوضع وتفعيل استراتيجية ومخطط عمل ملائمين، والتنسيق في هذا الشأن مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومختلف الفاعلين المعنيين، بهدف بلورة سياسة شاملة ومتعددة الأبعاد لقضايا الهجرة بالمملكة، بما من شأنه أن يوفر للمغرب قوة اقتراحية حقيقية في هذا المجال ويمكنه من القيام بدور ريادي وفعال على الصعيدين الجهوي والدولي. من جهته، أكد محمد حصاد على أن هذه العملية الاستثنائية لتسوية وضعية الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية بالمغرب تعتبر "قرارا سياسيا" للمغرب، وتندرج في إطار الإرادة القوية التي عبر عنها المغرب لمعالجة إشكالات الهجرة، مشيرا إلى وجود ما بين 25 ألفا و50 ألف مهاجر غير شرعي أغلبهم من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وأشار إلى أنه سيتم اعتماد عدة إجراءات لإثبات إقامة المهاجرين في وضعية غير قانونية بالمغرب لمدة 5 سنوات، مؤكدا أن هذه الإجراءات تبقى أكثر مرونة من تلك التي تعتمدها بلدان أوروبية في هذا المجال، مبرزا أن هؤلاء المهاجرين الذين سيتم تسوية وضعيتهم سيتمتعون بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المغاربة. ومن بين وسائل الإثبات التي ذكرها حصاد وصل تسجيل أطفال المهاجرين في المدرسة أو شهادة طبية وكذا حوالة بنكية إلى غيرها من الوسائل الأخرى . ومن جهة أخرى، أكد حصاد في جواب عن إمكانية مطالبة المغرب لمساعدات أوروبية في هذا الصدد على أن المغرب لا ينتظر معونة أحد لتطبيق هذا الخيار الاستراتيجي، مشيرا الوقت نفسه إلى فتح المغرب المجال للمنظمات التي تشتغل في هذا الميدان وأكد حصاد أن عدد المهاجريين السريين بالمغرب يتراوح مابين 25 ألفا و50 ألف مهاجر سري، مضيفا أن عدد السوررين بالمغرب يصل إلى ألف سوري. أما الهيبة فقد أكد أن هذه العملية الاستثنائية سيتم دعمها بإطار قانوني ومؤسساتي جديد من خلال تأهيل التشريع في قضايا الهجرة واللجوء والاتجار بالبشر وفق مقاربة شمولية إنسانية وحقوقية مبنية على مقتضيات الدستور الجديد. وأبرز أنه تم تشكيل لجنة خاصة لهذا الغرض تحت إشراف المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان من أجل تأهيل التشريع الوطني المتعلق بقانون اللجوء والإقامة وحقوق الأجانب المهاجرين والاتجار في البشر. وأشار إلى أنه سيتم إشراك الجمعيات الوطنية الفاعلة في مجال حقوق الإنسان بشكل وثيق في هذه العملية من أجل مساعدة الأشخاص المعنيين بعمليات تسوية الوضعية القانونية. ومن جهته، أشار اليزمي إلى أن المغرب يعد أول بلد من بلدان الجنوب يبلور سياسة شمولية في مجال حماية المهاجرين وطالبي اللجوء، مبرزا أن هذه السياسة الإنسانية، غير المسبوقة، ستعمق البعد الإفريقي للمغرب.