تدخل العلاقات بين السلطات الجزائرية والاتحاد الأوربي منعطفا حاسما خاصة بعد التصريحات الرسمية الغامضة حول شروط الأوربيين المتعلقة بتنفيذ توصياتها التي ضمنوها في تقريرهم بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي بقيت حبرا على ورق بينما الانتخابات الرئاسية على الأبواب. في هذا الإطار، سارع الطيب بلعيز، وزير داخلية الجزائر، إلى الإعلان في ندوة صحافية له، بأن بلده لم ترفض في كل استحقاقاتها قدوم مراقبين دوليين، ولن ترفض ذلك مستقبلا، لكنه وضع شرطا يتمثل في "احترام قوانين الجمهورية وعدم التدخل في السيادة الوطنية". وهو رفض يعتبره الأوربيون بمثابة وضع العصا في عجلتهم، ورفض صريح لمطالب الاتحاد الأوربي حول تمكين الأحزاب السياسية الجزائرية من الاطلاع على السجل الانتخابي مقابل الموافقة على إرسال مراقبين لتتبع سير الانتخابات الرئاسية القادمة التي من المنتظر أن تجرى في أبريل 2014. كلام وزير داخلية الجزائر جاء ردا على إعلان مسؤول أوروبي أن الاتحاد يشترط تطبيق التوصيات التي قدمها بعد الانتخابات البرلمانية الماضية في مقابل إيفاد مراقبين عنه للرئاسيات القادمة، وعلى الخصوص ما يتعلق بمسألة وضع السجلات الانتخابية في متناول الجميع. هذا التصعيد يأتي بعد أيام من زيارة وفد أوروبي للجزائر جاء خصيصا للوقوف على مدى صدقية النظام في تطبيق التوصيات الثلاثين التي أعدها وفد المراقبين الذي لاحظ أن الجزائر لم تعط بالا ولا اهتماما بمجمل التوصيات الأوربية، مما يطرح علامات استفهام كبيرة حول جديتها في العمل بالإصلاحات المعلن عنها أم أنها مجرد ذر للرماد على العيون. كما أن الوفد الأوروبي ضمن في تقريره جملة خروقات كحرمان ممثلي الأحزاب من الدخول إلى المركز الوطني لتلقي النتائج، وعدم تقديم وزير الداخلية الجزائري العدد الحقيقي للأصوات التي حصلت عليها كل لائحة في مختلف الولايات والجهات، وتساءل الوفد عن مدى استقلالية القضاة المكلفين بالإشراف على العملية الانتخابية خاصة بعد الغموض الذي ساد عمل اللجان، إلى جانب النقص الكبير الذي سجله وفد المراقبين على مستوى نظام التسجيل بسبب غياب بطاقة انتخابية موحدة على المستوى الوطني كما ينص القانون على ذلك، وهو ما جعل وفد الاتحاد الأوربي يسجل انعدام ثقة الأحزاب وهيئات المجتمع المدني بالحكومة الجزائرية، إضافة إلى عدم نشر تفاصيل النتائج الانتخابية. إزاء هذا تصر الحكومة الجزائرية على ترديد أنها سوف تطبق 17 توصية من أصل 30 التي يوصي بها الاتحاد الأوربي. لكن السلطات بالجزائر لم توضح متى وكيف سيتم ذلك؟ وبالطبع فإن الأوربيين لن يسكتوا عن الخروقات التي تمت خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة التي عرفتها الجزائر، والتي فازت فيها أحزاب السلطة بأرقام وصفت بالفلكية، علما أن موعد الانتخابات الرئاسية على الأبواب حيث تم فيها من الآن التمهيد لترشيح الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة أو ربما التمديد لولايته الحالية.