يتأكد الآن أن الأحداث التي عرفتها "فجأة" بعض المدن في جنوب المملكة، والتي أوحي في البداية بأنها ذات طبيعة نزاع قبلي، أو تتعلق بالاحتجاج على البطء الحاصل في بعض المشاريع، أو على ارتفاع أسعار هذه المادة وتلك، لتنتقل بقدرة قادر إلى موضوع اعتقال الصحافي أنوزلا، لتتحول، بفعل فاعل، إلى ما يسمى بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية، لم تكن في الحقيقة إلا غطاء وتمويها عما تم الإعداد له في مطبخ أجهزة المخابرات الجزائرية التي تمد الانفصاليين بجميع وسائل الإيضاح لنقلها إلى الأقاليم الجنوبية الصحراوية قصد تنزيلها على أرض الواقع. لا ننسى في هذا الإطار أن خصوم المغرب لم يستطيعوا درء الصفعات التي تلقوها مؤخرا، وعلى الأخص بعد الفشل المدوي، بمجلس الأمن، في تمرير المقترح المتعلق بتوسيع صلاحيات "المينورسو" بالصحراء، وما لحقها من صفعات من مدريد التي ظل زعيم الانفصاليين يقف على أبوابها طمعا في أن يحظى باستقبال من طرف أي موظف في الحكومة الإسبانية. ولما فشل في مسعاه، راح يبحث عن طبيب لمعالجة ما يعانيه من أمراض، خاصة بعد ظهور أعراض متاعب نفسية كبيرة جعلت الرئيس الوهمي يدخل في حالة من الهذيانات والهياج العصبي. منذ ذلك الوقت، التحقت مجموعة من الأفراد التابعين للانفصاليين بولاية بومرداس الجزائرية للخضوع لدروس تقوية في افتعال الشغب بمدن الصحراء، ومحاولة جر القوات العمومية المغربية إلى المواجهة، وجعلها ترتكب تجاوزات ضد حرية التجمع والتظاهر والتعبير، وذلك مع اقتراب موعد الدورة العادية لمجلس حقوق الإنسان في أوربا، وأشغال الجلسات العمومية لمنظمة الأممالمتحدة. وخلال هذه الدورة التأطيرية، التي تمت تحت إشراف ورعاية ضباط من أجهزة الأمن والمخابرات الجزائرية وبحضور مسؤولين من "البوليساريو"، تم تلقين الوفد الذي قيل أنه حقوقي ما يلزم من تكتيكات افتعال المظاهرات ثم السقوط والإغماء أمام القوات الأمنية المغربية... قبل العودة إلى الأقاليم الجنوبية. وبمجرد عودة وفد الانفصاليين، بدأت تظهر ملامح وعلامات الاضطرابات في بعض المدن الصحراوية التي كانت تغذيها وتقف وراءها عناصر الوفد المذكور أملا في إحراج المغرب وتشويه صورته أمام المنتظم الدولي. وهو ما تؤكده الأحداث التي تطفو على السطح هنا وهناك.