المغرب تاريخ ممتد من السلم والسلام والتسامح. وعلى أرضه تعايشت الحضارات والأعراق والمذاهب وذابت في شيء واحد اسمه المغرب. ولم يكن المشرع عابثا عندما تحدث عن الهوية المتعددة الروافد، لأنها هي التي رسمت عناصر الاستقرار في هذا البلد وعلى مدى الزمن، فهي هوية عربية إسلامية أمازيغية صحراوية حسانية إفريقية أندلسية عبرية متوسطية، والتي استقرت مع الزمن بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء. لهذا شكلت التفجيرات الإرهابية ليوم 16 ماي 2003 عنصر دهشة بالنسبة للمغاربة الذين زرعوا تراب الأرض بالتسامح والتفاهم والحوار، ولم يعرفوا العنف وإلغاء الآخر إلا بدخول هذه النحلة من الخارج محملة بأفكار الخوارج الذين لم يستثنوا فرقة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا وكفروها. الإرهاب مرفوض مغربيا. مرفوض من كافة فئات المجتمع. مرفوض بالطول والعرض أفقيا وعموديا. غير أن إجماع المغاربة على رفض الإرهاب والعنف يقابله حالات شاذة تسعى إلى التطبيع مع الإرهاب ومع تنظيمات العنف والقتل وعلى رأسها تنظيم القاعدة الذي يتحرك كموارد بشرية وخلايا عنقودية وكأنها تسير الريموت كنترول حاملة سلاح الدمار والتخريب، وتبحث عن تفجير كبتها استجابة لفتاوى التكفير التي أطلقها شيوخ يتقاضون أجورهم من الجهات التي ترغب في تحريك الموارد البشرية للإرهاب، الذي تحول إلى شركة تعمل وفق أجندات ودفتر تحملات لدى من له المصلحة في ذلك. في المغرب هناك أشخاص يزعمون ليل نهار الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وتبني الأفكار الليبرالية ويدافعون عنها حد التطرف، لكن في الوقت ذاته يساندون تنظيمات الإرهاب وعلى رأسها تنظيم القاعدة وتوابعه في الجزيرة العربية والشام والمغرب الإسلامي ودولة العراق الإسلامية وغيرها، وكأن هذه التنظيمات هي محضن الليبرالية مع العلم أن القاعدة نفسها لما تنهي شغلها لن تغفر لهم "فسقهم" كما تفعل الآن في سوريا حيث بدأت في قتل وإعدام عناصر "الجيش الحر". فتنظيم القاعدة باء بالفشل في السيطرة على شمال مالي، وهو منزعج أشد الانزعاج بالدور المغربي في إعادة بناء الدولة في مالي وتأهيلها روحيا وماديا، وظهرت أدوار المغرب واضحة خلال زيارة جلالة الملك للمشاركة في تنصيب رئيس دولة مالي الجديد. كل هذه العوامل دفعت بالقاعدة وبغيرها ممن يتحرشون بالمغرب إلى تفعيل خطة استغلال بعض الصحافيين المعروفين بتعاملهم مع جميع الجهات المناوئة للمغرب. ووجدوا في علي أنوزلا، مدير موقع "لكم"، خير أداة لتنفيذ مشروعهم عبر بث شريط، مهما كان المكان الذي أُنتج فيه، فهو يخدم أجندات الجهات المذكورة. فعلي أنوزلا لم يترك وسيلة للإساءة للمغرب وتعامل شرقا وغربا من ليبيا إلى الجزائر إلى البوليساريو إلى إسبانيا إلى أمريكا من أجل التحريض على الفوضى. وقد كان يختم مقالاته بعبارة "الثورة قادمة لا ريب فيها"، والثورة برسم الربيع العربي ليست سوى قنابل وأسلحة ومفخخات التنظيمات الإسلاموية الإرهابية.