دخل في تطبيق اتفاقية البث الأرضي ويستعد للدعاية دون تحديد الأهداف استغرب مهنيو قطاع الإعلام إقدام مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، على الدخول في تطبيق الاتفاقية الدولية المتعلقة بالانتقال من البث التناظري إلى البث الأرضي، دون المرور من بوابة إصلاح الإعلام، حيث لا يمكن استرجاع المشاهدين من عالم الساتليت إلى عالم الأرضيات إلا بتقديم تلفزة تستحق أن يلجأ إليها المشاهد أو المتفرج وذلك من خلال تقديم منتوج قادر على تحويل أنظار المتفرج المغربي من القنوات الفضائية إلى القنوات الأرضية. وكان مجلس الحكومة قد صادق في اجتماعه الأخيرعلى مشروع مرسوم بإحداث اللجنة الوطنية للانتقال من البث التلفزي التناظري إلى البث الرقمي الأرضي، والذي تقدمت به وزارة الاتصال. وذكر بلاغ لوزارة الاتصال أن مهمة هذه اللجنة الوطنية، التي تتكون من ممثلين عن الحكومة ومتعهدي الاتصال السمعي البصري العمومي والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، تحت إشراف رئاسة الحكومة، تتمثل في اعتماد المخطط الوطني للتلفزة الرقمية، الذي قامت وزارة الاتصال بإعداده وفق مقاربة تشاركية شملت كافة المؤسسات المعنية. وأشار البلاغ إلى أن هذا المشروع يدخل في إطار تفعيل التزامات المغرب الدولية وخصوصا الاتفاق الإقليمي القاضي بالانتقال إلى نظام البث الرقمي الأرضي الذي وقع عليه المغرب إبان انعقاد أشغال المؤتمر الإقليمي للاتصالات الراديوية في جنيف في يونيو 2006 مضيفا أن هذا الاتفاق ينص على وجوب الانتقال إلى النظام الرقمي في نطاق ( صبئ ) ابتداء من سنة 2015 وفي النطاق (ضبئ) ابتداء من سنة 2020. واشار إلى أن أهمية رفع هذا الرهان تكمن في الحفاظ على السيادة الوطنية في مجال البث التلفزي وضمان استمرارية الخدمة العمومية السمعية البصرية، بالإضافة إلى الانعكاسات الاقتصادية الإيجابية لهذا المشروع خاصة فيما يخص كلفة الإنتاج وجودة البث. وحسب الإحصائيات المتوفرة والتي تغطي الفترة من 2002 إلى 2012 فإنها تفيد أنه في 2004 كان حجم المتفرجين المغاربة الذين يشاهدون الفضائيات يبلغ حوالي 43 في المائة وقد انتقل سنة 2012 إلى 85 في المائة ويصل حاليا إلى 92 في المائة ويهدف المشروع الذي قدمه الخلفي إلى استرجاع المشاهدين من الفضائيات إلى الأرضيات. ويحتاج تنفيذ الاتفاقية إلى صرف أموال طائلة على اللجنة التي ستتولى الإشراف على تطبيق الاتفاقية الدولية، وكذلك إقناع المغاربة بالرجوع إلى البث الأرضي بعد أن فروا منه. ولكن يؤاخد المهتمون بالقطاع على الخلفي أنه لم يرسم حدودا لمشروعه ولم يحدد أهدافا مقابل الأموال التي طلب صرفها وهل سيكتفي بالحفاظ على 8 في المائة المتبقية لأسباب اقتصادية واجتماعية أم سيضيف إليهم رقما آخر؟ ويبدو أنه من الصعب استرجاع المتفرجين من الساتليت، الذي يتيح حرية في اختيار القنوات والانتقال من قناة إلى أخرى ومن محور إلى آخر، استرجاعهم إلى الأرضية التي تضيق الخناق على المتفرج، ناهيك عن أن المتفرج العالق اليوم في البث الأرضي فهو من أجل مشاهدة الدراما التركية والبرازيلية وبالتالي لا أمل في عودة المتفرج المغربي إلى الأرضية قبل إصلاح الإعلام وتطوير المنتوج المغربي.