شكلت هجمات 11 سبتمبر نقطة تحول في ولايتي الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي ركز على الأمن لدرجة دفعته إلى خوض حربي أفغانستان والعراق، كما تغيرت السياسة الخارجية للولايات المتحدة لتهتم بالشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وهو ما استمر مع ولاية باراك أوباما. بدلت هجمات 11 سبتمبر 2001 خطط الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش التي تركزت في الأمن وشن حربي أفغانستان والعراق. — - لدى وصوله إلى السلطة في يناير/كانون ثان عام 2009 تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ب"بداية جديدة" في العلاقات الدولية، ولكنه واصل سياسة بوش فيما يخص التركيز على الجانب الأمني حتى أعلن في مايو/آيار الماضي قتل أسامة بن لادن. — - تحولت ثورات العالم العربي إلى صداع في رأس الولاياتالمتحدة وفرضت سؤالا وهو "هل ستصبح الأنظمة العربية الجديدة حليفة لواشنطن؟. تعهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لدى توليه مقاليد السلطة في يناير/كانون ثان عام 2001 بالتخلي عن ما كان يعتبره "تدخلا مفرطا" من قبل سلفه بيل كلينتون الذي أرسل قوات حفظ سلام إلى نزاعات في الصومال والبوسنة وكوسوفو، واعدا بالتركز بدلا من ذلك في أمريكا اللاتينية والنظر لهذا الأمر "ليس كقضية تترك للحظات الأخيرة وإنما كالتزام اساسي خلال ولايته" ولكن بعد تسعة أشهر فقط جاءت هجمات 11 سبتمبر/أيلول لتغير له خططه. ففي حوار أذاعته محطة (ناشيونال جيوجرافيك) تم تسجيله في مايو الماضي بعد الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية نفذتها القوات الخاصة الأمريكية ببلدة أبوت آباد الباكستانية، أكد بوش انه تحول إلى "رئيس في حالة حرب" وأنه اختار أن يكون "حاسما لحماية البلاد". وقال الرئيس الأمريكي السابق "أحداث 11 سبتمبر غيرت رئاستي. فقد تحولت من رئيس يركز بشكل أساسي في القضايا المحلية إلى رئيس في حالة حرب، وهو ما لم أتوقعه أو أرغبه قط". وشكلت هجمات 11 سبتمبر 2001 في حكومة بوش عهد "معنا أو علينا" والذي جعلتها تتواجه مع بعض حلفائها التقليديين وتحول العالم الإسلامي إلى أولوية في السياسة الخارجية الأمريكية. وبعد أقل من شهر وتحديدا في السابع من أكتوبر/تشرين أول عام 2001 غزت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها أفغانستان في محاولة للعثور على بن لادن وإسقاط نظام طالبان الذي احتضنه. الحرب في أفغانستان :. انتشر في أفغانستان نحو 50 ألف جندي أمريكي، ولم يكن مفاجئا لدى الكثير من الأشخاص أن تنفق الولاياتالمتحدة خلال 10 سنوات من وجودها في البلد الآسيوي المضطرب عشرات الآلاف من الملايين وأن يتضاعف عدد جنودها ثلاث مرات. فبعد شهر من بدء الحرب بدت الولاياتالمتحدة مسيطرة على الأمور، ولكن حذر بوش وقتها من أن "أفغانستان تعد البداية فقط" في إشارة إلى العراق وقائلا إن "تلك الدول التي تصنع أسحلة دمار شمال ستقوم بالرد على الحرب في أفغانستان". وعلى مدار عام 2002 وبدعم من رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، توني بلير، ورئيس الحكومة الإسبانية وقتها، خوسيه ماريا أثنار، شدد الرئيس الأمريكي على هذه النظرية التي جعلته يواجه معارضة في أوروبا كانت تقودها فرنسا وألمانيا دفعت وزير الدفاع الأمريكي وقتها دونالد رامسفيلد إلى أن يطلق عليهما اسم "أوروبا العجوز" لأنهما خرجتا عن طاعة الولاياتالمتحدة. ولذا بدأ بوش في توطيد العلاقات مع أوروبا الشرقية التي سعدت لاحتمالية أن تحظى بدعم واشنطن في مواجهة روسيا، وهو أدى ما إلى جانب عوامل أخرى إلى تدهور علاقات حكومة بوش مع موسكو. وفي الشرق الأوسط، عززت واشنطن علاقتها مع إسرائيل وتخلت عن عملية السلام مع الفلسطينيين. غزو العراق في مارس عام 2003 وقعت حرب العراق وبدأت معه مرحلة جديدة في علاقة الولاياتالمتحدة بدول أوروبية على رأسها فرنسا وألمانيا، بجانب ابتعاد بلدان عربية غضبت من غزو دولة شقيقة. وعلى الصعيد المحلي ظهرت انتقادات داخل الولاياتالمتحدة بشأن معاملة الإرهابيين المشتبهين في معتقل جونتانامو والسجناء بدون محاكمات، أو بسبب التعذيب في سجن أبو غريب بالعراق. وفي الوقت الذي كانت تركز فيه الولاياتالمتحدة بشكل مطرد في حروبها، تركت إدارة بوش قضايا أمريكا اللاتينية جانبا وتقلص اهتمامها بها إلى اتفقيات التجارة الحرة. ولكن ومع مرور الوقت بعد أحداث 11 سبتمبر، التي أصبحت ذكرى، تغير أيضا الرأي العام بشأن الحروب الأمريكية. وعلى الرغم من أن غضب الشعب الأمريكي لم يكن كافيا لزحزحة بوش والحزب الجمهوري في انتخابات 2004 التي خسرها مرشح الحزب الديمقراطي أمام بوش الذي استغل "شعار الأمن" في حملته الانتخابية، ولكنه انتصر في انتخابات عام 2006 عندما فاز الديمقراطيون واستطاعوا السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب . نقلة في السياسة الخارجية الأمريكية :. مع انتصار الديمقراطيون بدأت مرحلة تحول تدريجية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة فتحت الباب لفوز باراك أوباما في انتخابات عام 2008 ليصبح أول رئيس من أصول أفريقية تولى مقاليد السلطة في يناير/كانون ثان عام 2009 برسالة تغيير وعهود بإنهاء الحرب في العراق وإغلاق معتقل جونتانامو. وتعهد أوباما لدى وصوله للحكم ب"بداية جديدة" في العلاقات الدولية، فأعاد العلاقات مع روسيا واستأنف العلاقات مع "أوروبا العجوز" التي كان قد بدأ بوش في استعادتها خلال ولايته الثانية. وبالنسبة للشرق الأوسط، رغب أوباما في إعطاء الأولوية إلى البحث عن اتفاقية سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبعث من مصر حيث ألقى خطابا من جامعة القاهرة رسالة إلى العالم الإسلامي بأن الولاياتالمتحدة وهذه الدول "ليست أعداء". وبشأن أمريكا اللاتينية، سافر لها أوباما بالكاد ثلاث مرات منذ وصوله للبيت الأبيض متعهدا أيضا ب"بداية جديدة" مع تلك المنطقة. ولكن على مدار ولايته التي تقترب من نهايتها، لم يستطع أوباما الوفاء بعهوده، فمعتقل جونتانامو مازال مفتوحا نتيجة صعوبة نقل السجناء إلى أماكن أخرى. ولم تصل العلاقات مع روسيا، على الرغم من أنها تحسنت، إلى الدرجة التي كانت واشنطن تتطلع لها، وبالمثل مع الصين. ومثل بوش اضطر أوباما للتركيز في الأمن بسبب هجوم تمكنت السلطات الأمريكية من إحباطه حاول شنه النيجيري عمر فاروق عبد المطلب عبر تفجير طائرة كانت متجهة إلى مدينة ديترويت بولاية ميتشجن الأمريكية عشية أعياد الميلاد 2009 . وكثفت القوات الأمريكية من وقتها هجمات الطائرات بدون طيار في باكستان، التي حققت بها الانتصار الكبير شهر مايو/آيار الماضي بمقتل بن لادن. ويبدو أن الشرق الأوسط يعد مشكلة أكثر تعقيدا من حسابات أوباما حينما حاول إعادة إطلاق عملية السلام الراكدة، وبعد الثورات الشعبية التي شهدها خلال الأشهر الماضية للمطالبة بمزيد من الديمقراطية، فقد تحولت الدول العربية إلى صداع في رأس الولاياتالمتحدة، وطرحت انتفاضتها سؤالين كبيرين وهما "هل ستكون الأنظمة الجديدة حليفة لواشنطن؟ هل ستتحول إلى بؤر لإيديولوجيات متطرفة؟