أمر الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما باغلاق السجن الحربي الامريكي في جوانتانامو كما عين مبعوثين خاصين للشرق الاوسط وأفغانستان في تحرك سريع لتحسين صورة بلاده المتضررة في الخارج. وفي فورة نشاط للرئيس الجديد تركز صراحة على تغيير بعض سياسات سلفه الجمهوري جورج بوش حدد أوباما عاما واحدا لاغلاق سجن جوانتانامو وحظر استعمال أساليب قاسية في التحقيق مع المشتبه بتورطهم في الارهاب المحتجزين هناك كما أغلق سجونا سرية تديرها وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) في الخارج. وتضررت المكانة الاخلاقية لامريكا في العالم بسبب السجن الواقع في قاعدة عسكرية أمريكية بخليج جوانتانامو في كوبا حيث يحتجز سجناء منذ سنوات دون تهمة وتعرض بعضهم لاساليب استجواب تقول جماعات مدافعة عن حقوق الانسان انها تصل الى حد التعذيب. وقال أوباما يوم الخميس في حفل في البيت الابيض بعد توقيع مجموعة من الاوامر التنفيذية "الرسالة التي نوجهها للعالم هي أن الولاياتالمتحدة تعتزم مواصلة الكفاح الدائر ضد العنف والارهاب وأننا سنفعل ذلك بحذر." وأضاف "على العالم ان يدرك ان أمريكا لن تتهاون في الدفاع عن أمنها وفي ملاحقة من يسعون للقيام بعمليات ارهاب او يهددون الولاياتالمتحدة." وتابع قائلا "سنفعل ذلك بكفاءة وسنفعل ذلك على نحو يتسق مع قيمنا ومثلنا." وصرح بأن ادارته الجديدة تريد ان تبعث "باشارة لا لبس فيها انه في تحركنا للدفاع عن الحرية سنكون عادلين مثل قضيتنا." وفي حين يعمل أوباما من وراء أبواب مغلقة مع مستشاريه للتصدي لاسوأ أزمة مالية منذ عقود الا أنه استغل المناسبات الاولى لظهوره على الملا ليضع السياسة الخارجية والامن القومي في الصدارة. وقال أوباما "لا نستطيع مجددا ان نحيد عن المسار او نتأخر" وهو يتعمق في أدغال الدبلوماسية بزيارة قام بها بعد ظهر يوم الخميس لمقر وزارة الخارجية الامريكية لتهنئة هيلاري كلينتون التي عينت وزيرة للخارجية وللاعلان عن تعيين مبعوثين جديدين للشرق الاوسط وأفغانستان. وقال أوباما الذي أدى اليمين يوم الثلاثاء وتحرك بسرعة للتصدي لتحديات في السياسة الخارجية سلط الضوء عليها أثناء حملته الانتخابية "ليس أمامنا وقت لنضيعه." واختار أوباما السناتور السابق جورج ميتشل وهو دبلوماسي مخضرم في حل النزاعات الدولية مبعوثا للشرق الاوسط لمحاولة احياء جهود السلام الاسرائيلية الفلسطينية المتعثرة بعد ان تعرض بوش لانتقادات كثيرة على عدم اعطائه الاهتمام الكافي لهذه القضية. كما اختار أوباما أيضا السفير الامريكي السابق لدى الاممالمتحدة ريتشارد هولبروك مبعوثا خاصا لافغانستان وباكستان والقضايا المتعلقة بهما. وقدم أوباما ميتشل وهولبروك في حفل مع كلينتون التي وافق مجلس الشيوخ على تعيينها وزيرة للخارجية. وانتهز أوباما الفرصة ليعد بالعمل على اقرار السلام بين اسرائيل والفلسطينيين وقال "ستكون سياسة ادارتي السعي بنشاط وقوة من اجل سلام دائم بين اسرائيل والفلسطينيين وايضا بين اسرائيل وجيرانها العرب" والعمل على ضمان استمرار وقف اطلاق النار في غزة. ولكلا المبعوثين سجل من النجاح في المساعدة على تسوية صراعات عنيفة استمرت لفترة طويلة. ميتشل في أيرلندا الشمالية وهولبروك في البلقان. وسيتوجه ميتشل الى الشرق الاوسط في محاولة لضمان دوام الهدنة في غزة التي دمرها هجوم عسكري اسرائيلي استمر 22 يوما على القطاع الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس). وفي حديثه عن الشرق الاوسط أكد أوباما على "حق اسرائيل في الدفاع عن النفس" في مواجهة الصواريخ التي تطلقها حماس عبر الحدود لكنه قال ايضا انه امر "لا يحتمل" بالنسبة للفلسطينيين الذين يريدون دولة خاصة بهم ان يواجهوا "مستقبلا بلا أمل." وقال نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه يأمل أن يكون تعيين مبعوث جديد في الشرق الاوسط ايذانا بالتحول في النهج الامريكي ازاء الصراع العربي الاسرائيلي. وأضاف أن الجانب الفلسطيني سيتعامل مع مبعوث أوباما وأنه يأمل أن يتحرك سريعا لتنفيذ خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية والاتفاقيات الدولية وأن ينفذ سياسة التغيير التي دعا اليها أوباما بما يحقق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني. بينما قال متحدث باسم حماس في لبنان لقناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية ان أوباما بدأ بداية "غير موفقة" وانه لا يمثل تغييرا عن سياسة بوش. وأعرب مستشار لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت عن اعتقاده بأن ادارة أوباما ستستمر في سياسة بوش التي قاطعت حماس. وفي الحديث عن قضايا الشرق الاوسط لم يورد أوباما او كلينتون ذكرا لايران غير ان أوباما بدا انه يلمح الى ايران حينما قال ان حكومته تريد ان تبلغ كل بلدان المنطقة "ان الدعم الخارجي للمنظمات الارهابية يجب ان يتوقف." وكانت حكومة بوش اتهمت ايران بمساندة حماس وجماعة حزب الله في لبنان وفي الماضي ربطت طهران باسلحة ومتفجرات يجري تهريبها الى المتمردين في العراق. وقال أوباما خلال حملته الانتخابية انه يفضل حوارا على مستوى عال مع ايران لكنه منذ انتخابه لم يكشف عن متى سيبدأ ذلك الجهد. وتحت الحاح السؤال من الصحفيين في مؤتمر صحفي قال روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الابيض ان أوباما يعتقد "اننا سيتعين علينا ان نحاور اصدقاءنا واعداءنا حتى يكون بلدنا سالما آمنا." وقالت كلينتون انه يتعين على الولاياتالمتحدة ان تستعيد مكانتها في العالم. وأضافت "يجب أن نكون أكثر ذكاء في استخدامنا لسلطتنا." وأمر أوباما بمراجعة شاملة لاستراتيجية الولاياتالمتحدة في أفغانستان حيث تعهد بزيادة أعداد القوات. وعهد بتحويل مركز الاهتمام في الحرب على الارهاب الى أفغانستان ووصفها بانها "الجبهة المركزية". ويعتقد أن أسامة بن لادن وكبار متشددي القاعدة الاخرين يختبئون في منطقة الحدود الجبلية في باكستان القريبة من أفغانستان. وجاءت تحركات أوباما النشطة الذي أدى اليمين يوم الثلاثاء كأول رئيس أسود للولايات المتحدة للتعامل بسرعة مع قدر كبير من تحديات السياسة الخارجية ورثها من ادارة بوش وسلط الضوء عليها طوال مسعاه للفوز بالبيت الابيض. وتشمل هذه التحديات اتباع سياسة خارجية تسعى لارتباط أوسع نطاقا من السياسة التي اتبعتها ادارة بوش والتي تعرضت لانتقادات بسبب "دبلوماسية رعاة البقر" الاحادية. كما تشمل اعادة تركيز الحرب على الارهاب بعيدا عن حرب العراق التي لا تحظى بتأييد والعودة الى التركيز على الحرب في أفغانستان. وأشارت الاوامر التنفيذية التي وقعها أوباما والخاصة بسجن جوانتانامو الذي انشأته ادارة بوش بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 الى تصميمه على تغيير سياسات سلفه الامنية والتي اثارت احتجاجات المدافعين عن حقوق الانسان. وقرار اغلاق السجن هو خطوة أولى في عملية طويلة ومعقدة لتحديد مصير 250 محتجزا بينهم كثيرون حرموا من الاجراءات القانونية المتبعة في القانون الامريكي. ويلزم أمر تنفيذي ثان منفصل وكالة المخابرات المركزية الامريكية باغلاق مراكز الاحتجاز السرية في الخارج والتي أثارت جدلا في أوروبا كما يحظر اقامة مثل تلك المراكز في المستقبل. وعلى الصعيد الداخلي ومع تقلب الاسواق وفقدان الوظائف المتزايد عقد أوباما يوم الخميس اجتماعا لليوم الثاني على التوالي مع كبار مستشاريه الاقتصاديين في محاولة لرسم مسار للخروج من أسوأ أزمة مالية منذ عقود. (شاركت في التغطية كارين بوان وجيف ميسون وروس كولفين وديفيد ألكسندر وأليستر بول) من مات سبيتالنيك وديفيد الكسندر المصدر : وكالات