يظهر أن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، احتفل قبل الأوان ب"تعوشيرة "العيد. وهو بهذا أسعد الناس، خاصة وهو يستعد من الآن للدخول في مفاوضات، لن تكون سهلة، مع رئيس التجمع الوطني للأحرار، صلاح الدين مزوار، من أجل الحقائب الوزارية. حين نقول مفاوضات، فإن كل طرف مدعو ل"يضرب عن عرامو": بنكيران لا يريد أن يضحي بحلفاء الأمس (الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية) الذين بقوا صامدين معه على الخط رغم ما أحدثه الانسحاب الاستقلالي من رجة سواء داخل الحكومة أو داخل المشهد السياسي الوطني، كما أن مزوار سيبارك لبنكيران "عواشر" العيد وهو معزز بقرار التجمعيين بالذهاب إلى أقصى حد بخصوص الحقائب التي ركزوا عليها عيونهم منذ أن قبلوا بالمشاركة في الحكومة المقبلة لبنكيران؛ وهم متشبثون أشد ما يكون التشبث بالحصول على الحقائب الأصلية على طريقة الصناعية التقليدية الوطنية التي يكون فيها الخير والبركة، وليس على الحقائب من الدرجة الثانية. ذلك، فإن مزوار سيأتي في هذه "لعواشر" وهو محمل، ربما، بمفاجآت قد لا تسر بنكيران، بمعنى ستفسد عليه أجواء "تعوشيرته" التي يكون قد أعد لها ما يجب من عطور وبخور تبركا وتفاؤلا باستمرار إقامته في رئاسة الحكومة التي كان قاب قوسين أو أدنى لمغادرتها قبل الأوان. من المؤكد أن مواجهة بنكيران- مزوار لن تخلو أيضا من متعة. فالرجلان اللذان عقدا صلحا بينهما في المدة الأخيرة على أساس "عفا الله عما سلف"، سيجدان أنفسهما، بعد عملية الترميم الحكومي، في وضع آخر يفرض عليهما التعاون والتضامن لإعطاء الدليل على أن الأمور تسير على ما يرام، لكن من المؤكد أنهما سيجدان – إلى جانب الفريق الحكومي- معارضة لا يستهان بها، تتشكل من الاستقلاليين والاتحاديين الذين وقعوا على صك تفاهم لإنهاك حكومة بنكيران قبل إسقاطها. ولاشك أن هذا بالضبط ما سيفسد متعة اللقاء في هذا الائتلاف "الممتع" بين التجمعيين والإسلاميين والحركيين والتقدميين، ويشكل هاجسا يقض مضجعهم. إذن، لن تكون "تعوشيرة" بنكيران سهلة ولا ممتعة، خاصة أنها مرت بظروف صعبة خلال العشر الأواخر من رمضان، يبقى أبرزها ما عرفه "البيجيدي" كفريق حكومي وفريق برلماني من تصدع واهتزاز بين عناصره، وما عرفته قيادة بنكيران لسفينة الحكومة من خلل وأعطاب كادت أن تغرقها في موج عميق. أما انعكاسات كل هذا، فستظهر في الأيام القادمة بعد "لعواشر". وإن غدا لناظره قريب.