تدخل مشاورات ترميم ما تبقى من أغلبية منعطفا حاسما حينما يلتقي عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بصلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، بعد غد الأربعاء، من أجل الشروع في وضع ترتيبات التحاق التجمعيين بالأغلبية ومناقشة شروط و»ثمن» ذلك الالتحاق، والدخول في «تفاصيل يكمن فيها الشيطان». واستبق زعيم الأحرار لقاء الأربعاء المرتقب بالظفر بموافقة برلمانيي ومنسقي الحزب على المشاركة في حكومة بنكيران الثانية، خلال اجتماعه بهم على مائدة إفطار رمضاني، في انتظار الحصول على التفويض النهائي من المجلس الوطني لحزب الأحرار المنتظر انعقاده يوم الجمعة القادم، باعتباره الجهاز المخول له قانونيا الحسم في الأمر. وكشف اللقاء الذي جمع مزوار ببرلمانيي حزبه، مساء يوم الجمعة الأخير على مائدة إفطار في أحد فنادق الرباط الفاخرة، للتداول في العرض الذي تقدم به بنكيران، أن هناك إجماعا على قبول بذلك العرض. وحده النائب البرلماني، محمد حدادي، خطف الأضواء برفعه «فيتو» ضد مشاركة حزبه في حكومة بنكيران الثانية، في ما يبدو أنه محاولة منه لدفع تهمة «الرغبة في الاستوزار» عنه. وذهبت مصادر من الفريق البرلماني لحزب أحمد عصمان إلى أن إجماع برلمانيي الحزب على القبول بعرض المشاركة في الحكومة سبقه تدارس جميع الخيارات المطروحة أمام الأحرار، سواء منها الاستمرار في موقع المعارضة أو المساهمة في بناء أغلبية جديدة، وإخضاع الأمر لميزان «الربح والخسارة»، مشيرة إلى أن أعضاء فريقي الحزب في البرلمان أجمعوا، خلال تدخلاتهم، على المشاركة في الأغلبية التي يقودها بنكيران من باب «المصلحة العليا للبلاد». وفي الوقت الذي سادت فيه نفس أجواء الإجماع اللقاءَ الذي جمع مزوار بمنسقي الأحرار، كانت لافتة خلاله محاولة ُرئيس التجمع الوطني للأحرار إلباس قرار الانضمام إلى حكومة خصومه الإسلاميين لبوس القرار المتخذ بعد استشارة واسعة، بدعوته أعضاء فريقي الحزب في مجلسي النواب والمستشارين إلى توسيع دائرة المشاورات من خلال استماعهم إلى آراء المواطنين قبل موعد اجتماع المجلس الوطني، الجهة الوحيدة المخولة لها قانونيا الحسم في الموضوع. إلى ذلك، كشف مزوار، خلال اجتماعه مع الفريقين البرلمانيين، أن الجولة الثانية من المفاوضات، المنتظرة بعد غد الأربعاء، ستكون من أجل تدارس «بعض القضايا العالقة»، وهي القضايا التي طلب المكتب السياسي توضيحات بشأنها خلال اجتماعه الأسبوع الفائت، كما ستكون فرصة لاستكشاف وجهة نظر «ما صح من أغلبية»، على حد تعبير رئيس الحكومة. وفيما أعاد المجتمعون التأكيد على شروط الانضمام إلى الأغلبية، ممثلة في إعادة هيكلة الحكومة وإعداد برنامج حكومي جديد، حرص مزوار على تبرئة نفسه أمام برلمانييه بنفيه وجود أي مفاوضات سرية مع بنكيران، تخص الاستوزار كما تم تداوله إعلاميا، مؤكدا أنها «مرحلة سابقة لأوانها»، وأن الهدف منها هو محاولة «تسميم البيت الداخلي للأحرار». من جهة أخرى، يبدو أن حرب الاستوزار داخل التجمع ستشتد خلال الأيام القادمة في ظل الطموح الجارف الذي يعبر عنه عدد كبير من قيادات الحزب لتأمين مقعد في حكومة بنكيران. وفي هذا السياق، كشفت مصادر تجمعية أن أمينة بنخضرا، وزيرة الطاقة والمعادن في حكومة الاستقلالي عباس الفاسي، قاطعت لقاء قيادة الحزب مع برلمانييه المنعقد بأحد الفنادق الرباط، وأعادت الكرة أول أمس السبت خلال لقاء مزوار بمنسقي الأحرار. وفسرت مصادر «المساء» مقاطعة بنخضرا، أحد الأسماء المرشحة للاستوزار في حكومة بنكيران الثانية، بالتدافع الحاصل في الحزب منذ فتح بنكيران مشاورات تشكيل الحكومة بعد انسحاب الاستقلاليين، وبإحساسها بأنها تحارَب من قبل قيادات في الحزب، في سياق السباق المحموم من أجل ظفر وجه نسائي بحقيبة وزارية بين كل من مباركة بوعيدة ونعيمة فرح.