تحولت رحلة عشرات المسافرين على متن الطرامواي أول أمس الثلاثاء إلى جحيم بعدما احتجزو لأزيد من ساعتين تحت الشمس، لم يكن الأمر يتعلق بعطب أصاب الترامواي، ولم يكن إضراب العاملين في الشركة، ولكن ببساطة لأن عشرات المعطلين قرروا احتلال السكة الخاصة بحافلات الطرامواي في الجهة المقابلة لمحطة القطار المدينة. لقد شكل الأمر مأساة حقيقية، تحولت فيما بعد إلى معاناة مع الإنتظار، خصوصا أن المسافرين اضطروا إلى المكوث في الحافلة أكثر من ساعتين في انتظار تحريرها من قبل المعطلين، الذين عطلوا مصالح المواطنين، الذين كانوا على موعد مع ساعة في الجحيم. احتلال السكة من قبل المعطلين لم يتأثر منه فقط الذين كانوا على متن الترامواي، بل إن عشرات من المسافرين ظلوا ينتظرون في المحطات تهت لهيب الشمس، خصوصا أن فترة احتلال السكة تزامن مع وقت الظهيرة، وخروج الموظفين من مقرات عملهم. نحن ننتظر هنا منذ الواحدة بعد الزوال، ولم يظهر أثر للطرامواي، تقول خديجة التي بدا عليها التوثر، خصوصا بعدما بلغ بها التعب مبلغه مع ارتفاع درجة الحرارة، وبعدما علمت سبب تأخر الطرامواي استشاطت غضبا، وتحولت إلى ما يشبه ثورا هائجا، معلقة بأن تعطيل مصالح المواطنين ليس حلا، قبل أن ترد عليها زميلتها التي تعمل معها بإحدى الإدارات العمومية، والتي أكدت أنه كان الأولى على المعطلين أن يعتصموا أمام الوزارت ويمنعوا سيارات الوزراء من التحرك، بدل أن يعطلوا مصالح المواطنين المرتبطين بمجموعة من المواعيد، وضع علق عليه أحد الشباب بالقول إن الطرامواي ملك لكل المواطنين ويجب ألا نحرم منه تحت أي ذريعة، مع تأكيده على أنه يتضامن مع احتجاجات الشباب شريطة ألا تعيق السير الطبيعي للحياة اليومية للمواطنين. مشهد المواطنين الذين كانوا ينتظرون وصول الطرامواي كان مثيرا، بل ومحزنا، وكان هناك أطفال صغار تأثروا بسبب موجة الحرارة، وهو ما دفع أحد المواطنين إلى المطالبية بوضع حد لهذه المهزلة، وقال إن المطالبة بالحقوق لا يجب أن تكون على حساب المواطن العادي، وأعطى مثالا بما يحدث في اليابان، حيث إن الموظفين يواصلون عملهم رافعين الشارات. ما حصل في ساحة العلويين بالرباط هو نفسه ما يحدث في كل مرة تريد جماعة ما إسماع صوتها إلى الأجهزة الحكومية، إذ تلجأ إلى أسهل طريقة وهي قطع الطريق على المواطنين وحرمانهم من التنقل بحرية، وهو الأمر الذي شكل حالة استثناء لأن تعطيل حافلات الطرامواي لم تتأثر منه فقط الشركة المكلفة بتدبيره، ولكن أكثر من تضرر منه هم المواطنون الذين تحولوا إلى ضحايا ينتظرون الفرج.