أثارني كثيرا تقرير نشرته مجموعة من المواقع العالمية بخصوص اشتراط شهادة الماجستير على كل مرشح للإنتخابات التشريعية الإيرانية، وهالني أكثر أن عدد المرشحين لهذه الإنتخابات سيكون كبيرا جدا، مما يعني أن إيران تملك آلاف الكوادر المستعدين ليس فقط لدخول مجلس النواب ولكن لاقتحام كل المؤسسات الرسمية. لا أعرف سبب اشتراط حكومة إيران توفر المرشح لدخول قبة البرلمان على شهادة الماجستير، لكنني أعلم جيدا أن البرلمان الإيراني سيصبح مجمعا علميا، يضم نخبة إيران المتنورة، التي تساهم في عملية البناء والإنماء. وصراحة لم أكن أريد الخوض في الموضوع لولا، أنني اصطدمت بحقيقة سوداء مثل سواد القهوة التي نستوردها عادة من دول أمريكا الجنوبية كما نستورد باقي المنتوجات من سكر وقمح وبترول وغاز وحافلات وطائرات ودبابات وهلم جرا، ولقد تمثلت أمامي هذه الحقيقة فاضحة مفضوحة، حين اكتشفت أن برلماننا يضم طينة أخرى قريبة من الكوادر، لكنها صم بكم لا تعقل. لقد هالني المستوى الثقافي لممثلينا في البرلمان، الذين يتسابقون كلما حل موسم الإنتخابات على طبع آلاف الملصقات، التي يتم نثرها في الأرض قبل أن يتم جمعها من طرف عمال النظافة ورميها في مطرح النفايات كحال باقي الأزبال. لقد كنت أمني النفس أن أقف على فئة متنورة، تضيء ظلمة تلك القبة، لكنني وجدت أن تلك الكوادر بدل أن تدخل القبة بقيت خارجها تعتصم بحثا عن شغل، وحتى تلك الفئة المثقفة لا تستطيع فرض نفسها لأنها بالكاد تتلمس طريقها في السياسة. حين أكون مرغما على متابعة الجلسات الأسبوعية التي تذاع يومي الثلاثاء والأربعاء وتنقل على شاشة التلفزة أشعر بحالة من الغثيان، بسبب المستوى الثقافي لنواب الأمة، الذين يستغلون التلفزة لتمرير صورتهم أمام منتخبيهم، وللحديث عن الطرق المحفرة والمدارس البعيدة، مع أن فيهم رئيس جماعة لم تطأ قدماه أبدا دائرته الإنتخابية الموجودة في أقاصي الجبال، والمناسبة الوحيدة التي يظهر فيها سعادة البرلماني خلال موسم الإنتخابات، وأكاد أجزم أن ثلثي البرلمانيين الذين يتناولون الكلمة خلال الجلسات الشفوية "يتهجون" الأسئلة التي كتبت لهم، وبعضهم يرفع المفعول به وينصب الفاعل، ويضرب سيبويه حتى "ينقز"، ومع ذلك فهؤلاء البرلمانيون يقومون بواجبهم أحسن قيام، خصوصا خلال الأسئلة الشفوية التي تتحول في كثيرا من الأحيان إلى ما يشبه الحلقة، أو حمام شعبي بسبب المشاجرات التي تقع بين نوابنا المحترمين. كوادرنا متخصصون في التزكيات، والشعارات الإنتخابية، التي يرفعها الأطفال الصغار مقابل 20 درهما في اليوم الواحد، وكوادرنا التي تناقش السياسة العامة للبلاد لا تتوفر حتى على الشهادة الإبتدائية، وحين اشترطت الدولة على من يريد أن يصبح رئيس جماعة التوفر على الأقل على الشهادة الإبتدائية التي كان المغاربة يتعاملون معها كما لو أن الأمر يتعلق بحفل عقيقة اكتشفنا العجب العجاب، وعجت محاكم المملكة بقضايا تتعلق بالتزوير في الشواهد الإبتدائية، لأن عددا من الرؤساء المبجلين وفيهم برلمانيون ومستشارون ينطبق عليهم المثل المغربي "من الحمارة للطيارة"، وعلى ذكر الشهادة الإبتدائية، يحكى أن أحد السياسيين المحنكين في مدينة مراكش قرر رفع التحدي وإجراء امتحان نيل الشهادة الإبتدائية، والمصيبة أن صاحبنا ضبط وهو يغش في قاعة الإمتحان. يحق لنا أن نفتخر بكيادرنا في البرلمان المغربي، الذين تعودوا على تأثيت القبة العجيبة، والذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، وهم بذلك لا يهتمون كثيرا بالشهادة الإبتدائية التي تفطنت عبقرية عدد منهم فراحوا يبحثون في سجلات المدارس التي تحت نفوذهم علهم يعثرون على إسم توفي منذ سنوات فينتحلوا شخصيته. عبد المجيد أشرف