أصبح مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، مدبر هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، مادة جديدة للمشككين داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، البلد المولع بنظريات المؤامرة مثل ان ألفيس بريسلي لا يزال حيا، أو أن الإنسان لم يصعد للقمر أبدا. فعلى الرغم من الأجواء المنتشية بالانتصار لدى إعلان واشنطن عن مقتل بن لادن، ظهرت مجموعة من مكذبي هذا النبأ الذين يصرون على ان زعيم تنظيم القاعدة لم يمت، أو على الأقل عملية قتله لم تحدث بالشكل الذي ادعاه البيت الأبيض. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد اعلن فجر الاثنين الماضي مصرع زعيم تنظيم القاعدة في عملية عسكرية شنتها قوات الولاياتالمتحدة على معقله ببلدة ابوت اباد الواقعة شمالي العاصمة الباكستانية إسلام آباد، أسفرت عن مقتل بن لادن برصاصة في الرأس، فيما سمي بعملية "جيرونيمو". وكان خطاب الرئيس أوباما حازما امام الملايين من الأمريكيين الذين كانوا ينتظرون هذا الخبر منذ نحو عشر سنوات. ولكن كان لعشاق نظرية المؤامرة رأي آخر، حيث ان عبارة "أسامة بن لادن قد مات" بدت مريبة لأسماعهم. فكيف يمكن ان يعيش رجل من أكثر المطلوبين في العالم داخل منزل فاخر في نواحي إسلام آباد لأعوام دون ان يُعثر عليه؟، ولماذا هذه السرعة في إلقاء جثته بالمياه؟ وبالأخص لماذا قررت واشنطن عدم نشر صورة لجثته؟. كانت هذه أسئلة تشكيكية نشرتها جماعة (birthers) وهم عبارة عن ناشطين أمريكيين أثاروا الاسبوع الماضي ايضا شكوكا حول ان أوباما ولد خارج الولاياتالمتحدة وليس في هاواي، منذ الاعلان عن مقتل بن لادن يوم الاثنين الماضي وذلك عبر صفحات الانترنت. وأبرز هؤلاء المؤمنون بنظرية المؤامرة، عقب تأكيد شبكة تنظيم القاعدة نفسها الجمعة وفاة زعيمها على يد القوات الأمريكية، ان موعد الاعلان عن مقتل بن لادن تعد فقط أداة للترويج لحملة إعادة انتخاب أوباما العام المقبل، خاصة وانهم يؤمنون أيضا بأن الحكومة الأمريكية هي التي دبرت هجمات 11 سبتمبر التي اودت بحياة 3 آلاف شخص. وأكد احد النشطاء ويدعى كولين ديفيد ليتش، على صفحة (بن لادن لم يمت) بشبكة فيسبوك والتي تضم اكثر من ألفي عضو، "بن لادن تم اعتقاله وهو حي، ويخضع حاليا للاستجواب في احدى المناطق بالعالم". في حين يرى كثيرون آخرون من نفس الفئة ان بن لادن اغتيل منذ سنوات وحفظت جثته في مكان بالعالم، في الوقت الذي يؤكد فيه موقع (abovtopsecret.com) المتخصص في نظرية المؤامرات على ان تنظيم القاعدة هي شبكة "أنشأتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)"، ما يبطل تأكيد الوفاة. وكتب المستخدم (Wcitizen) على منتدى الموقع "عندما يقدموا لنا أدلة ملموسة وقابلة للتصديق سأضعها في الاعتبار. ولكن حتى الآن كلها كانت تصريحات وشائعات وهناك مصادر متعددة متناقضة وتتعارض مع القصة التي اخبرنا بها أوباما". ويرى بارنا دونوفان، استاذ الاتصالات بجامعة سانت بيتر (نيوجيرسي) والمتخصص في هذا النوع من النظيرات التآمرية، في تصريحات ل(إفي) "من غير المحتمل ان تتلاشي رؤى المؤامرة حتى لو كشف البيت الابيض عن صور او وثائق رسمية تؤكد ما اعلنه". وأردف "ليس هناك أي قدر من الأدلة، أو ما يكفي لكي ترجح كفة إدارة البيض الأبيض، لتغيير رأي هؤلاء الذين يؤمنوا بهذه النظريات". ويؤكد دونوفان ان هذه الظاهرة "مثيرة للقلق" لأنها تتعلق بمواطنين يشعرون بأنهم منفور منهم من قبل الرأي العام في العالم، لذا فهم يؤمنون وبشكل تلقائي بأن "كل ما يأتي من مصدر رسمي هو كذبة". لكن هذه الشكوك لا تأتي فقط من رواد الإنترنت، فهناك أيضا قائمة من الصحفيين الذين ربما تأخروا قليلا امام وجهة نظر الحكومة تجاه بن لادن، ليرددوا أمام وسائل الاعلام أنهم لا يثقون في كل ما يسمعوه. وأحد هؤلاء هو أليكس جونز، مقدم البرامج الإذاعي الشهير بولاية تكساس، الذي صرح مع خبر الاعلان عن مقتل بن لادن فجر الاثنين الماضي، بعبارة "ايها الاصدقاء، هذه خدعة كاملة وشاملة". وقال دونوفان ان عملية القاء جثة بن لادن في البحر تعد "عنصر الكمال" لكي تحاك نظرية المؤامرة من قبل مؤيديها، والتي قد تستمر لعقود. وأضاف "يجب تذكر هؤلاء الذين مازالوا يؤمنون بأن الرجل لم يصل أبدا إلى القمر". يذكر أن بن لادن كان مدرجا على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي لأكثر الإرهابيين المطلوبين منذ عام 1999 ، وذلك بعد عام على اتهامه بالمسئولية عن مقتل أكثر من 200 شخص في هجومين استهدفا سفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا. ويُنظر إلى بن لادن باعتباره مدبر الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر 2001 بالولاياتالمتحدة واستهدفت برجي مركز التجارة العالمي ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وأسفرت عن سقوط نحو ثلاثة آلاف قتيل بجانب آلاف الجرحى.(إفي)