أخيرا، "أمريكا تقتل بن لادن"، بهذه العبارة، استهل الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ليلة الأحد الاثنين، الإعلان عن نبأ مقتل زعيم تنظيم القاعدة، المتهم بتنفيذ هجمات 11 شتنبر 2001، على نيويوركوواشنطن. القوات الأمريكية تمكنت من مهاجمة بن لادن وقتله وأعلن أوباما أن "عملية مباشرة"، نفذتها قوات أمريكية على الأرض، بناء على التزام واشنطن بقتل زعيم تنظيم القاعدة أو اعتقاله في أي مكان من العالم، أدت إلى قتله، ليل أول أمس الأحد. واستنادا إلى معلومات للاستخبارات، تمكنت القوات الأمريكية من مهاجمة بن لادن وقتله، في ضاحية مدينة أبوت أباد، قرب إسلام أباد، عاصمة باكستان، بعد عملية لتبادل إطلاق النار، أسفرت عن إصابته برصاصة في الرأس. وللحد من خطورة احتمال تحول زعيم القاعدة إلى قائد روحي للإرهاب، حتى بعد موته، قررت واشنطن دفن جثة بن لادن في "البحر"، وأفاد مصدر أمريكي أن "بن لادن دفن في البحر، بعد تجهيزه وفقا للشريعة الإسلامية". ومباشرة بعد إعلان واشنطن قتلها بن لادن، بدأت ردود الفعل تتوالى، مرحبة بتنحية زعيم تنظيم القاعدة من الوجود، وكانت البداية من واشنطن، حيث تجمع عشرات الأمريكيين أمام البيت الأبيض للتعبير عن فرحتهم، فيما سارع زعماء الدول إلى تأكيد انتصار الحرب الدولية على الإرهاب. وقال الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، إن "مقتل بن لادن يشكل ضربة للإرهاب في العالم"، وهو ما اعتبره رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، "حدثا سيجلب ارتياحا بالغا لشعوب العالم"، كما وصف الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، مقتل بن لادن بأنه "إنجاز تاريخي". وهنأ الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، خلفه أوباما وطاقم الأمن القومي على هذا "العمل التاريخي"، أما الرئيس التركي، عبد الله غول، فقال إن "الإرهابيين وقادة الإرهاب يعتقلون أو يقتلون، عاجلا أم آجلا". وقال الرئيس الأفغاني، حميد كرزاي "نأمل أن يؤمن العالم بأسره الآن أن بلادنا ليست مكان الإرهاب". وفيما توالت ردود التأييد من قبل دول العالم، من باكستان، وروسيا، والهند، وإيطاليا، وأستراليا، وكندا، وإسبانيا، حذرت الشرطة الدولية (الأنتربول)، أمس الاثنين، من احتمال وجود "خطر إرهابي أكبر" من العادة، بعد تصفية بن لادن. وقالت منظمة الأنتربول، في بيان، إن مقتل بن لادن يؤدي إلى "خطر إرهابي أكبر من جانب القاعدة، أو إرهابيين يستلهمون من القاعدة". ونقل البيان عن الأمين العام للأنتربول، رونالد نوبل، إن "أهم إرهابي مطارد في العالم لم يعد موجودا، لكن موت بن لادن لا يعني زوال المنظمات المرتبطة بالقاعدة، أو التي تستلهم منها، وستواصل التورط في هجمات إرهابية في العالم". وأضاف "علينا أن نبقى موحدين ونواصل التركيز على تعاوننا وعملنا ليس ضد هذا التهديد العالمي وحده بل ضد الإرهاب، الذي ترتكبه أي مجموعة في أي مكان". ويرى خبراء أن تنظيم القاعدة أصبح يعمل من خلال تنظيمات إقليمية وفرعية، لا تتأثر في توجيهاتها بمركز التنظيم، وبالتالي، فإن مقتل بن لادن لن يكون له تأثير كبير، خاصة بالنسبة لبعض التنظيمات، التي تعمل بشكل مستقل، مثل تنظيم القاعدة في العراق، أو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إضافة إلى الخلايا التابعة للتنظيم الأم، التي تنشط في البلدان الأوروبية، ويقودها إرهابيون التحقوا في السنوات العشر الأخيرة بالقاعدة، ولم يسبق لهم أن التقوا أسامة بن لادن، أو عملوا مباشرة تحت إمرته، لكنهم يعتبرونه زعيما روحيا. وإلى حدود أول أمس الأحد، كان بن لادن أهم رجل مطارد في العالم، منذ هجمات 11 شتنبر 2001، وكان لد في السعودية، سنة 1957، بعد وفاة أبيه، ورث ثروة كبيرة، قدرت بحوالي 300 مليون دولار. وقاد، من خلال "المجاهدين العرب"، حربا ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، بين 1979 و1985 بمساعدة أمريكية وعربية، وبعد حرب الخليج، سنة 1991، انتقل إلى الحرب ضد الولاياتالمتحدة والغرب، وقاد تنظيمه "القاعدة" سلسلة من التفجيرات، استهدفت مصالح أمريكية وغربية، في أوروبا وأمريكا وإفريقيا وآسيا. وبعد هجمات 11 شتنبر 2001، أعلنت الولاياتالمتحدة الحرب الدولية عليه وعلى تنظيمه، ونفذت هجوما على أفغانستان، التي كان يتخذها ملاذا له، وأسقطت نظام حركة طالبان، الذي كان يؤويه، فيما عاد بن لادن ومجموعته يتنقلون بين الحدود الأفغانية الباكستانية، إلى حين إعلان مقتله.