بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ناصر المستضعفين الصابرين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام المرابطين المصابرين، وعلى آله وصحبه ومن سبقت لهم الحسنى وحقت لهم البشرى "وبشر الصابرين". سماحة الأخ رئيس المجلس الوطني فضيلة الأخ الأمين العام أخواتي ... إخواني أعضاء مجلسنا الميمون، السلام عليكم ورحمة الله .. سلام قولا من رب رحيم .. سلام وصلا من حب حميم .. وبعد : لقد بات واضحا أننا كنا – ولا زلنا – رهائن سياسيين وضحايا بلطجية أمنية وبلطجية سياسية بنت سرحها يوم 20 فبراير 2008. وأسست بنيانها على شفى جرف هار، إنهار بها يوم الفرقان المغربي .. يوم 20 فبراير 2011 ... يا لمكر الله ! .. نفس التاريخ .. بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق .. وتلك الأيام نداولها بين الناس، وما يعقلها إلا العالمون ! فلشباب الربيع المغربي بطاقة عرفان وتقدير، ولكل الشرفاء الذين رابطوا سندا لنا، الشكر الجزيل والثناء الجميل. أيها الأفاضل، إننا نعيش مرحلة فريدة وفترة ربيعية استثنائية، امتزج فيها أريج ربيع المولد النبوي بعبق الربيع الديمقراطي العربي، في تناغم بديع مع ربيع الطبيعة، فتبارك الله أحسن الخالقين ! إن الحراك السياسي والاجتماعي التي تشهده أرضنا الطيبة، يجعلنا في مفترق الطرق، ويمنحنا فرصة الانعطاف صوب عقد وطني جديد، يترجم المطالب العادلة والوعود المقابلة إلى تعاقد دستوري وسياسي مكتسب عن جدارة واستحقاق، وفي العمق، أحسب أنها بداية ثورة إصلاحية ذاتية، تطال بنياننا السياسي ومعمارنا الوطني، بحيث بدأنا نأتي بيوت الإصلاح من أبوابها وليس من سراديبها، وكلنا عزم على استئناف المسيرة التي تعثرت فتعطلت، بل ظن كثير منا أنها تعذرت ! .. فعلى الأقل، نعرف اليوم من يصوغ "عروتنا الوثقى" وكيف ومتى وأين، ونرى شبابنا يدخلون حلبة التدافع السياسي أفواجا، ويعبرون عن نضج ووعي سياسيين معتبرين، إذ اتضح من شعاراتهم المركزية ومطالبهم الأساسية أنهم قصدوا بيت القصيد ورابطوا في مربط الفرس، رغم أن غالبيتهم بضاعته من الفقه الدستوري مزجاة، ولكنها الحكمة الإنسانية التي تكشف أنه أحيانا، "إذا قصرت الفطنة، بصرت الفطرة". وإنه مما يضفي قيمة بل يعطي قيمة مضافة للانتفاضة الديمقراطية المتواصلة، موازاة مع حضارية أدائها وسلمية أسلوبها واحترامها لثوابت السواد الأعظم، أن تتسلح بقوة الاقتراح وتوليد الأفكار، وأن توسع دائرة الحوار البناء والنقاش الصريح حول الأفق المشترك والمستحق، الذي نرنوا إليه جميعا .. ذلك خير وأحسن تأويلا، ولتجعل من معايير النجاح ومؤشرات الفلاح، أن يكون في مقابل كل جرأة إضافية في المطالب، جرعة موالية في المكاسب. أجل، إننا نعيش لحظة سرور، لكن حذار من الغرور... إنها لحظة مفصلية تتأبى وأد حلمنا الجميل، فالتعديل مهم... لكن التنزيل والتفعيل أهم... نحن أمام ورش تاريخي وتحول جريئ، يرهن مستقبلنا ومستقبل القابل من الأجيال. إن زرع الإصلاح الذي أخرج شطأه في 20 فبراير، قد آزره خطاب التاسع من مارس، واستغلظ في محطة 20 مارس وما بعدها، ونأمل أن يستوي على عوده استواء معلوما يوم الاستفتاء، ظانين حسنا أن تستجيب الوثيقة الدستورية صدقا وعدلا لانتظارات المجتمع عامة وللتطلعات الشبابية خاصة،... يومها، حق لنا أن نجعل يوم الاستفتاء عرسا ديمقراطيا، ولم لا عيدا وطنيا ونكون من الشاكرين. في انتظار ذلك، وحرصا على سلامة المسار، نؤكد على اتخاذ تدابير إجرائية لرفع منسوب الثقة، وتذويب جليد الريبة، وإثبات أننا فعلا أمام إقرار مبادئ وليس إبداء نوايا، ونقترح لذلك الخطوات السبع التالية : 1- الإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وكل من تمت محاكمتهم خلافا لمقتضيات المحاكمة العادلة، وإنصاف ضحايا العهد الجديد، الذين عانوا من المفهوم "الشديد" للسلطة، كما شهدت بذلك منظمات حقوقية ودولية. 2- كبح جماح تيار الإعاقة الديمقراطية بكافة جيوبه الأمنية والحزبية والإعلامية، وسائر خلاياه النائمة والقائمة، الهائمة والعائمة، وفي مقدمة ذلك لجم تحرشاته القمعية بالحركات الاحتجاجية السلمية، كما وقع يوم 13 مارس بالبيضاء، ويوم 26 مارس بالرباط، وهو ما عكس استخفافا بينا بالإشارات المشرقة التي حملها خطاب 9 مارس، وتسفيها همجيا لوعي جيل الانتفاضة الديمقراطية. 3- رفع اليد عن الإعلام العمومي الممول من مال الشعب، وفتح المجال للأطر الكفؤة والنزيهة المحاصرة في أرجائه، لتجعل منه خدمة عمومية حقيقية مفتوحة لكل الحساسيات، ورافعة صلبة للحوار الوطني الداخلي، دون إغفال مغاربة العالم. 4- نشر تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2009، وتفعيل سمو القانون ودور القضاء في فتح ملفات الفساد الكبرى التي سارت بذكرها الركبان، وتحريك آليات المحاسبة والمتابعة للضرب على أيدي مصاصي دماء المستضعفين وعرق الكادحين. 5- تعليق نشاط الغرفة الثانية (مجلس المستشارين) ما دام ثمة إجماع على أنها نسخة مشوهة ومشوشة للغرفة الأولى (مجلس النواب)، وتوفير ما تبقى من اعتمادات مالية مرصودة لها (أجور، تعويضات، منح، مصاريف...) فيما ينفع السائل والمحروم. 6- تحويل الحكومة الحالية من حكومة تنفيذية إلى حكومة تصريف أعمال، وفي السياق ذاته، تقليص أعضاءها إلى الحد الضروري لتسيير القطاعات الرئيسية، في انتظار ميلاد حكومة مسؤولة وفق الدستور الموعود. 7- إعلان أجندة متكاملة للإصلاحات السياسية وفي مقدمتها تعديل قانون الأحزاب ومدونة الانتخابات، وميثاق جماعي جديد، بجدولة زمنية مدروسة، تبدأ من محطة الاستفتاء، لتمر عبر الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية، وتتوج بتنصيب حكومة مسؤولة بصلاحية كاملة، مع مراعاة أن تكون الأيام الإستحقاقية، في عطلة نهاية الأسبوع، وليس بدعة الجمع التي خلت من قبل، ولله الأمر من قبل ومن بعد. وفي الختام لا يفوتني أن أبارك مذكرة الحزب حول الإصلاح الدستوري المرتقب، وأن أحيي كل الإخوة والأخوات الذين شاركوا في صياغتها وتحريرها، متمنيا أن يستمر الاجتهاد والتجديد تصويبا وتسديدا، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل والسلام عليكم ورحمة الله. يومه الخميس 26 ربيع الثاني 1432 31 مارس 2011السجن المحلى بسلا، العبادلة ماء العينين