إعداد عبد الكريم أقرقاب أصبح من شبه المؤكد أن المدارس ستفتتح أبوابها في مصر يوم السبت بعد تأجيل أملاه الخوف من انتشار أنفلوانزا الخنازير, خصوصا عقب عودة معتمري رمضان من الديار المقدسة. غير أن المشهد سيكون مختلفا داخل الجامعات والمدارس والمعاهد خلال الموسم الدراسي الحالي, أو على الأقل في الأشهر الأولى منه (الخريف والشتاء), إذ سيضطر الطلبة والتلاميذ إلى وضع كمامات خشية انتشار سريع لفيروس "إش 1 إن 1", وسط أكثر من 19 مليون طالب وتلميذ في مصر. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد, حيث ستتضمن قائمة مشتريات اللوازم المدرسية أيضا "صابونة" لغسل اليدين مرتين في كل حصة دراسية, ومنديلا لمسح المقعد قبل الجلوس, وذلك تنفيذا لتوصيات وزارة الصحة. وقد قامت السلطات المصرية بتوزيع نحو 16 مليون من الكمامات على مختلف المؤسسات التعليمية قبيل انطلاق الموسم الدراسي يوم غد, كإجراء وقائي من تفشي داء إنفلونزا الخنازير وسط التلاميذ. وبقدر ما يثير هذا الفيروس, الذي أصاب حتى الآن نحو 960 شخصا في مختلف أنحاء مصر, الخوف والتوجس وسط السكان, فهو يشكل أيضا مادة دسمة للسخرية والتنكيت, سواء في الشارع أو على صفحات الجرائد والمجلات المصرية ولدى رسامي الكاريكاتير بالخصوص. "كلام لسد الخانات, يعني إنت مش فالح تتعلم في المدرسة حتتعلم على النت", يقول الصحافي المصري عمرو أديب, معد برنامج على قناة "القاهرة اليوم", في تعليقه على قرار السلطات اللجوء إلى الإنترنيت والقنوات التعليمية, كبديل للدراسة بالمدارس في حال تفشي الوباء. إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للسلطات المصرية التي تتعامل مع الأمر بشكل حازم, والتي قررت تطبيق معايير اللامركزية في التدابير الوقائية التي تتخذها كل محافظة وكل مدرسة, مع الحفاظ على المعايير الوقائية العامة في تقليل كثافة الفصول الدراسية بحد أقصاه 40 طالبا, حيث ستقوم محافظة الجيزة في هذا الصدد بتطبيق نظام التدريس لمدة ثلاث أيام فقط في الاسبوع كما نفى وزير التربية والتعليم المصري, يسري الجمل, في تصريحات صحفية, ما تردد من شائعات حول تأجيل الدراسة عن الموعد الذي أقره إجتماع مجلس المحافظين غدا السبت, مؤكدا أن الحد الأقصى لإغلاق أي فصل دراسي أو مدرسة في حال اكتشاف حالات إصابة جديدة بالفيروس, لن يزيد عن أسبوعين يتابع فيها الطلاب مناهجهم الدراسية عبر الوسائل البديلة, ويتم مراجعتها مع المدرسين بالمدرسة بعد استئناف الدراسة. وسيكون أعضاء هيئة التدريس القادمين من الخارج والمعتمرين, وكذا الأطفال الذين قضوا إجازاتهم في الخارج, ملزمين بالبقاء في منازلهم لمدة ثمانية أيام قبل الالتحاق بحجرات الدراسة, مع إدلائهم بكشف طبي يؤكد سلامتهم وعدم إصابتهم بفيروس أنفلونزا الخنازير. ولن تتوقف تداعيات انتشار الداء عند هذا الحد. فالمدرسون أيضا سيتأثرون سلبا بهذا الوضع, حيث شددت السلطات المصرية على محاربة المراكز الخاصة التي تعطي "الدروس الخصوصية", مع ما يعنيه هذا الإجراء من حرمان للمدرسين من مداخيل إضافية, حيث اعتبرت الوزراة هذه التجمعات خطرا على الصحة, خاصة وأن معظم المراكز التي تعطي دروسا خصوصية لا تتوفر على تراخيص مسبقة. وقد علق أحد رسامي الكاريكاتور بجريدة (الأهرام) على هذا القرار بأن الدولة وجدت أخيرا دواء لما أسماه "فيروس إنفلونزا الدروس الخصوصية", في إشارة إلى العبء الكبير الذي تثقل به مصاريف هذه الدروس كاهل كل الأسر المصرية. "فرب ضارة نافعة", يقول صاحب الكاريكاتور. ومن جهة أخرى تبحث وزارة التعليم المصرية مع وزارة الاتصال سبل بث البرامج التعليمية على القنوات التلفزية بالتزامن مع شرحها بالمدارس, بما يسهم في استكمال تحصيل الطالب لدروسه عبر الوسائل البديلة, سواء القنوات التعليمية أو المواقع التعليمية على شبكة الإنترنت, وذلك لفائدة طلاب كافة المراحل التعليمية, نظرا لاحتمال إغلق بعض الفصول أو المدارس, في حال ظهور إصابات بفيروس أنفلونزا الخنازير. وشملت الإجراءات الاحتياطية أيضا داخل القطاع التعليمي, إعداد 37 ألف حقيبة بداخلها رسائل متنوعة للتوعية, وتدريب أكثر من ثمانية آلاف طبيب و19 ألف ممرضة وزائرة صحية, ونحو 29 ألف منسق, على كيفية رصد أعراض الإصابة بالفيروس المسبب لمرض إنفلونزا الخنازير, وسبل التعامل معه, والتواصل مع أولياء الأمور, للتأكد من وجود حالات إصابة أخرى داخل الأسرة الواحدة.وبالموازاة مع ذلك, أعلنت مستشفيات العاصمة عن حالة استنفار قصوى مع بدء العام الدراسي, تحسبا لوقوع إصابات كبيرة بين التلاميذ والطلاب.