رغم النداءات والمناشدات الدولية بالوقف الفوري لاستخدام العنف ضد المتظاهرين، وجلسة مجلس الأمن المرتقبة التي سيتم الاستماع خلالها إلى ممثلي ليبيا، اعتبر الزعيم الليبي معمر القذافي أن نظامه لم يستخدم القوة بعد في مواجهة الاحتجاجات الشعبية، مشيرا إلى أنه سيلجأ للقوة في إطار القانون الدولي إذا استدعى الأمر ذلك. فبينما دعا مجلس التعاون الخليجي إلى "وقفة عربية وإسلامية ودولية عاجلة لمناصرة الشعب الليبي الشقيق الذي يتعرض لعملية إبادة حقيقية"، قرر مجلس الأمن عقد جلسة يستمع من خلالها إلى ممثلي ليبيا، على الرغم من أن أحدا لا يعرف بالتحديد هويات هؤلاء الممثلين خلال الجلسة. وشجب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية في بيان له اليوم "أعمال العنف التي يرتكبها النظام حالياً ضد أبناء الشعب الليبي الأعزل"، داعيا إلى مناصرة الشعب الليبي، الذي يتعرض "لإبادة حقيقة على يد قوات الأمن". وفي هذه الأثناء طالب ستة من مقرري حقوق الإنسان بالأممالمتحدة ليبيا اليوم ب"وقف المجزرة"، مذكرين حكومة طرابلس بأن انتهاكات حقوق الإنسان التي تم ارتكابها خلال الأيام الأخيرة قد تمثل "جريمة ضد الإنسانية". وفي بيان صادر عنهم، أوضح المقررون : "الحكومة الليبية مذنبة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان التي قد تمثل جرائم ضد الإنسانية". ووقع على البيان مقرر الأممالمتحدة الخاص للاعتقالات العشوائية كريستوف هينز، والخبير في استخدام المرتزقة خوسيه لويس جوميز ديل برادو، والمنسق الخاص لمناهضة التعذيب والمعاملات غير الإنسانية المهينة الأخرى خوان مينيدز. كما يحمل البيان توقيع رئيس مجموعة الاعتقالات العشوائية الحاجي مالك سو، والمنسق الخاص لحرية التعبير والرأي فرانك لاروا، ومقررة الدفاع عن حقوق الإنسان مارجاريت سيكجيا. فيما قررت الجامعة العربية اليوم وقف مشاركة وفود الحكومة الليبية في اجتماعات الجامعة إلى حين وقف العنف ضد المتظاهرين في طرابلس والمدن الليبية الأخرى. وندد مجلس الجامعة العربية في اجتماعه الطارئ الذي انعقد اليوم في القاهرة ب"الجرائم المرتكبة ضد التظاهرات والاحتجاجات الشعبية السلمية الجارية في العديد من المدن الليبية والعاصمة طرابلس"، مؤكدا بصفة خاصة على إدانة "تجنيد مرتزقة أجانب واستخدام الرصاص الحي والأسلحة الثقيلة وغيرها في مواجهة المتظاهرين". ومن جانبها، أفادت الأممالمتحدة أن أمينها العام بان كي مون أجرى اتصالا هاتفيا بأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حيث حثه على بدء تحرك عربي لإنهاء العنف في ليبيا. وبحسب بيان الأممالمتحدة، فإن بان كي مون اتفق مع أمير قطر في الشعور بالقلق إزاء "انتهاكات حقوق الإنسان" الجارية في ليبيا وضرورة التدخل لإنهاء الأزمة بشكل سلمي في ضوء الحوار. وعلى صعيد آخر، هددت الحكومة الألمانية اليوم النظام الليبي بتطبيق "عقوبات" إذا لم يتم وقف العنف ضد الشعب الأعزل بشكل فوري، وذلك خلال التظاهرات التي يقوم بها الليبيون للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية. وقال وزير الخارجية الألمانية جيدو فيسترفيله : "نطالب الحكومة الليبية بالوقف الفوري لاستخدام العنف ضد مواطني بلدهم، محذرا أنه إذا استمرت ليبيا في استخدام العنف ضد شعبها، لن يكون هناك مناص من العقوبات". وبينما أشار مدير الفيدرالية العالمية لحقوق الإنسان (IFHR) أنطوان برنارد، لوكالة (إفي) أن هناك مشرحة في طرابلس يوجد بها ما يربو على 450 جثة من ضحايا القمع، بحسب معلومات حصل عليها من نشطاء ليبيين، أكد القذافي أن نظامه لم يستخدم القوة بعد في مواجهة الاحتجاجات الشعبية. ورفض القذافي فكرة التخلي عن السلطة استجابة للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها بلاده، مؤكدا في الوقت ذاته على أنه "ليس رئيسا" حتى يتنحى، داعيا إلى زحف مليوني لتطهير البلاد "شبرا شبرا". وقال : "معمر القذافي لا منصب له وليس رئيسا بل هو قائد الثورة"، مضيفا : "لن أترك الأرض الليبية فهنا استشهد أجدادي". ودعا القذافي إلى تشكيل لجان شعبية جديدة في ليبيا، وإلى منح الشعب عائدات البترول ليتصرف فيها، معربا عن ثقته في أن الجماهير ستنطلق فور خطابه لتشكيل بلديات وشعبيات كنوع من الحكم المحلي للأقاليم. وحث "كل من يحبون معمر القذافي" على الخروج إلى الشوارع وتأمينها، واستنكر ما يحدث في بنغازي شرق بلاده، حيث بسط المحتجون سيطرتهم على المدينة ولقي وزير الداخلية عبد الفتاح يونس مصرعه"، حسب قوله. وقال القذافي إنه لا يملك سوى بندقيته، وتعهد بالقتال حتى آخر قطرة من دمه ومعه الشعب الليبي لمواجهة ما أسماها "عصابات الجرذان والجراثيم". واعتبر أن من يقومون بالاحتجاجات هم شباب قليل حصل على حبوب مخدرة من مصر وتونس، حسب تعبيره، ويهاجمون معسكرات ومراكز الشرطة، حيث "حرقوا ملفات جرائهم"، مشددا على أن قوى بعيدة عن الساحة تقوم بتحريكهم وتعهد بعلاجهم.