أثار موضوع المساعدة القضائية التي يعطي من خلالها القانون للمتقاضين الحق في الدفاع جدلا في المجلس الحكومي المنعقد أخيرا، وفي الوقت الذي اقترح وزير العدل محمد الطيب الناصري تفعيل مقتضيات القانون 28.08 المنظم لمهنة المحامات لا سيما في الفقرة التي تتحدث عن استخلاص المحامي لأتعابه في إطار المساعدة القضائية من الخزينة العامة، بادر وزراء آخرون إلى الانتقاص من قيمة مشروع المرسوم المذكور باعتباره مليء بالثغرات حسب مصدر مطلع. وقد نص مشروع مرسوم وزارة العدل على مجموعة من النقط ( بهذا الترتيب) أولها " إحداث صندوق خاص بالمساعدة القضائية وفحص الحساب السنوي الخاص بالصندوق في إطار الميزانية العامة للدولة من خلال قانون المالية، ورصد المبالغ المالية المودعة بالصندوق لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، وتكليف هذه الجمعية بعملية توزيع الأموال المرصودة مع الأخذ بعين الاعتبار عدد المحامين في كل نقابة وذلك كمرحلة أولية اقتضتها بداية وحداثة التجربة لأنه يتعذر في الوقت الراهن تخصيص مبلغ مالي معين لكل ملف قضائي" حسب النص. وقد وجه بعض الوزراء انتقادات جمة لمشروع المرسوم المذكور فمن حيث الشكل ذهب البعض لضرورة إعادة ترتيب المقتضيات المذكورة بشكل يضمن الانتقال من الخاص إلى العام، فعملية تحديد الاعتمادات المرصودة للمساعدة القضائية تسبق مرحلة الإدماج في الميزانية الخاصة لوزارة العدل. كما يلاحظ أن المرسوم حسب بعض الانتقاذات الموجهة إليه في مجلس الحكومة كونه لم يستجب لأحكام الفقرة الثانية من المادة 41 من قانون المحاماة التي قضت بأن يحدد النص التنظيمي مبالغ المساعدة القضائية وطريقة صرفها، حيث تم من خلال هذا المشروع الاقتصار على التنصيص على الاعتمادات المخصصة للمساعدة القضائية دون تحديد مبلغها. أما فيما يتعلق بإسناد موضوع تدبير أموال المساعدة القضائية لهيئات المحامين فقد أوضح نفس المصدر أن النص سكت عن معايير توزيغ المبالغ بين الهيئات وكذا طبيعة الملفات بين ماهو مدني وماهو جنائي. وتشكل المساعدة القضائية حسب بعض الوزراء الذين انتقذو مشروع مرسوم الناصري إحدى الثغرات التي تعتري المنظومة القانونية المغربية، وتحول دون التحقيق الأمثل للعدالة وتكريس حقوق الإنسان.. وقد لا تشكل المساعدة القضائية بالشكل الذي تم اقتراحها عليه حافزا أمام المتقاضين. "إن مقاربة إصلاح المنظومة القضائية من حيث معالجة إشكالية المساعدة القضائية تقتضي إعادة النظر في المرسوم الملكي رقم 56-514 الصادر في 1966في اتجاه تحيينه وتحديثه وإحداث بنية مستقلة تتعدى في شكلها القانوني الصندوق المشار إليه (صندوق المساعدة القضائية).. إن هذا المشروع يطرح تساؤلا حول الحل في حالة نفاذ الاعتمادات المرصودة"..حسب الانتقاذات الصادرة عن بعض الوزراء. من جهته أوضح محمد اشماعو الكاتب العام لاتحاد المحامين الشباب في تصريحه "للنهار المغربية" أن موضوع المحامين لم يكونوا يتقاضون أي أتعاب حول المساعدة القضائية بخلاف متدخلين آخرين بسبب المساطر. وأوضح اشماعوا عدم اتفاقه مع إسناد مهمة تدبير اعتمادات صندوق المساعدة القضائية لهيئات المحامين بالمغرب، لأن ذلك سيشكل عبئا أخر على كاهلها فضلا عن عدم فعالية هذا الاقتراح حسب قوله. وطالب اشماعوا بالمقابل بخلق مؤسسة عمومية خاصة بالمساعدة القضائية لها إمكانية ضبط المستفيدين والتحقق من المعايير مثل اشتراط الحصول على شهادة عوز من دار الضريبة وليس شهادة العجز التي يقدمها أعوان السلطات.