بقلم جيلان زيان انها منتصف الليل في حي مصر الجديدةبالقاهرة في يوم عادي من ايام الاسبوع. ورغم ان العمل يبدأ يوميا في التاسعة صباحا الا ان الشوارع اكتظت باسر تشتري احتياجاتها وبمراهقين يتجولون بسياراتهم التي تنبعث منها موسيقى صاخبة. ويقول عبدو (39 سنة) وهو موظف في احدى الوزارات "ان النوم مبكرا ليس جزءا من نمط حياتنا". ولكن اعتياد السهر لا يفسر كل شئ. فالتلوث والضوضاء والمساكن المكتظة والتغذية غير الملائمة .. كلها عوامل تجعل من القاهرة مدينة يعاني سكانها من اضطرابات النوم. ولذلك فان عيادة لعلاج اضطرابات النوم فتحت ابوابها لمساعدة اولئك الراغبين في الاستمتاع بنوم جيد اذا كانوا يملكون الامكانات المالية اللازمة للحصول على هذه الخدمة. ويؤكد عبدو ان "السبب الوحيد لكي ندخل السرير مبكرا هو ان يخصم جزء من راتبنا اذا تأخرنا عن موعد العمل, اما اذا لم تكن الحال هكذا, فلماذا ننام مبكرا ?". وفي غرفة الاستقبال, يسهر اطفاله طوال الليل واحيانا حتى السابعة صباحا امام شاشة التلفزيون. ويوضح عبدو انه "اثناء العام الدراسي اطلب منهم النوم مبكرا ولكن في الصيف لا داعي لارغامهم". ويعاني حوالي خمسة ملايين شخص يقيمون في العاصمة المصرية من اضطرابات في النوم اي حوالي ثلث سكانها, وفق الدراسات الدولية. ويؤكد الاطباء ان الشخص البالغ يجب ان ينام 8 ساعات يوميا بلا انقطاع. ولكن شريفة طاهر ابعد ما تكون عن الالتزام بهذه القاعدة. وتقول "انني لا انام قبل الواحدة او الثانية بعد منتصف الليل". غير ان شريفة ربة اسرة وبالتالي فهي تستيقظ في السادسة صباحا كل يوم من اجل اعداد ابنائها للذهاب الى المدرسة. وتضيف "عندما يعود الاطفال من المداس يستريحون قليلا ثم يأكلون ثم يبدأ المدرسون الخصوصيون في الوصول ولايغادرون الا في التاسعة او العاشرة مساء وبعد ذلك يكون لدي بعض الوقت لنفسي". وازاء هذه الظاهرة, فتح الدكتور رامز رضا مصطفى, وهو طبيب متخصص في المخ والاعصاب في جامعة عين شمس بالقاهرة, عيادة لمعالجة اضطرابات النوم. وكان هاني رمضان, وهو محاسب في الثلاثين من عمره, ينتظر على أمل ان يجد في هذه العيادة حلا للنوم الذي يجافيه. ويقول "لا استطيع النوم ولذلك فانني عندما اذهب الى العمل اجد صعوبة في فتح عيني". ويستسلم رمضان لموظف في العيادة يتولى اعداده لاختبار النوم وهو اختبار يتمثل في تسجيل معدلات التنفس وضربات القلب ونشاط المخ والعضلات اثناء النوم. ويقول الدكتور مصطفى لوكالة فرانس برس "هناك الكثير من الاسباب التي تجعل المصريين ينامون بصعوبة". ويضيف انه بالاضافة الى الاسباب التي تتحدث عنها منظمة الصحة العالمية, فان "المصريين يشربون الشاي كثيرا وجزء كبير من السكان يعاني من السمنة". وقالت منظمة الصحة العالمية في احد تقاريرها ان "الضوضاء والضغط العصبي والعمل في مواعيد غير منتظمة كلها عوامل يمكن ان تؤدي الى نقص النوم او النوم المتقطع".وتؤكد منال (21 سنة) وهي عاملة في احد المطاعم "ان اكلنا دسم للغاية ونحن نحب السهر وكل هذا ليس صحيا ..اليس كذلك ?".