تعرضت الطفلة آية العمراني (16 سنة وتسعة أشهر) وهي مريضة بما يعرف ب"التوحد"، (تعرضت) نهاية الأسبوع الأخير إلى معاملات قاسية وبعيدة عن الإنسانية من طرف رجال الأمن الخاص (les agents de sécurité) في مستعجلات المركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، وذلك بعدما تعرضت بالقرب من حي الرياض إلى حادثة سير رفقة مربيتها، إثر عودتهما من حصة ترويض خاصة بهذا المرض، وهي الحالة التي استلزمت انتظار أكثر من ساعتين لحضور سيارة الإسعاف، كما استلزمت العناية بالطفلة آية التي فرت إلى وجهة غير محددة في حالة نفسية مصحوبة بهيجان وصياح هستيري، كادت تكون نهايته مأساوية لولا الألطاف، كما ذكرت ذلك والدة آية العمراني، سمية العمراني في رسالة موجهة إلى الرأي العام من موقعها كأم ومواطنة تنبه إلى خطر إهمال الأطفال المرضى بالتوحد أو ما يطلق عليهم في المغرب "الأنطوائيون". وجاء في رسالة والدة الطفلة المريضة آية، سمية العمراني التي تنشط في جمعية لمرضى التوحد بالرباط، وتشغل مهمة أمينة مالها، أن أحد حراس الأمن الخاص بالمستشفى المذكور، حاول تطبيق أوامر رئيسه/مشغله من دون مراعاة حالة ابنتها المريضة بالتوحد والتي تتطلب معاملة خاصة، وذلك بعدم السماح بمرافقة الطفلة المريضة إلى قسم التشخيص والفحص بالأشعة إلا من طرف واحد من ذويها، في الوقت الذي يستلزم فيه حالة آية وحالة كل المرضى أمثالها مرافقتهم بأكثر من رفيق أو وليّ أمر؛ نظرا للحالة التي كانت عليها الطفلة، الشيء الذي جعل تطبيب الصغيرة آية يتأخر والعناية بها تتطلب الوقت الطويل بعد تعنت رجال الأمن الخاص وتشبثهم برأيهم أمام إلحاح والدة آية ووالدها بمرافقتهما لها. وفي الوقت الذي شدت فيه سمية العمراني على أيدي أعضاء الطاقم الطبي الذي أشرف على فلذة كبدها من التشخيص إلى التشخيص بالأشعة، استنكرت بشدة سلوكيات رجال الأمن الخاص تجاه صغيرتها، منبهة إلى خطر إهمال مرضى التوحد وسوء التعامل معهم في مثل هاته الحالات الإنسانية، وهم الذين يعانون أصلا إشكالية الاضطراب التواصلي واضطرابات التفاعل الاجتماعي.. وفي اتصال لها ب"النهار المغربية"، عرّفت سمية العمراني بمرض التوحد وأركانه الثلاثة، مؤكدة أنه هو المعنى الحقيقي لما يعرف ب"الأوتيزم Autisme" الذي يطابقه اسم الانطوائية في التعريف المغربي، على الرغم من أن الانطوائية هي تداعية واحدة من تداعيات مرض التوحد بصفة عامة. ونبهت سمية العمراني في حديثها إلى "النهار المغربية" إلى مخاطر هذا المرض الذي صار في انتشار كبير داخل المغرب، حيث أشارت إلى أن الإحصائيات الدولية الأخيرة أكدت ارتفاع نسبة المرض بهذه الإعاقة يصل إلى إصابة واحدة عند الولادة من بين 60 ولادة طبيعية، في الوقت الذي ما زال المغرب يعتمد الإحصائيات "التقليدية" التي تشير إلى إصابة واحدة (بالمغرب) ضمن 150 ولادة. وفي سياق الحديث، دقت سمية العمراني ناقوس خطر انتشار مرض التوحد في المغرب نظير انعدام سياسات استشفائية تسير وفق ضرورة الإحساس بالمريض التوحدي، وانعدام برامح تعريفية وتحسيسية لإدماج مرضى هذا النوع من الإعاقة في المجتمع، في الوقت الذي يعيش فيه المغرب، في العهد الجديد، طفرة نوعية بصدد إدماج المريض المعاق والسجين والمعوز في المجتمع، كما دقت ناقوس خطر وجود إشكالية تربوية فيما يخص تعليم وتربية المريض التوحدي، وهو الذي يعاني من التفاعل الاجتماعي ولا يجيد التعامل مع الأقران ولا يحس بالآخر.محمد عفري