مروان سعد "هناك اشياء كثيرة تجعل من بيكيلي بطل استثنائيا, ومن عظماء تاريخ العاب القوى. لم اعهد من قبل شخصا فرض سيطرة مطلقة بهذا الحجم وهذه الهيمنة الطاغية من المسافات من ال`3 آلاف متر الى ال`10 آلاف م مرورا بسباقات الضاحية. لم يركن فقط الى موهوبته بل دعمها بتدريب قاس ونظام اعداد صارم وتقنية عالية, ما جعله قادرا على الفوز في مختلف الظروف. ومجرد وجوده يجعل الامور معقدة بالنسبة الى الآخرين". انها شهادة "حية" من "اهل البيت", بلسان العداء الاميركي, الكيني الاصل, برنار لاغات تختصر حال الاثيوبي كينينيسا بيكيلي "قاطرة المسافات الطويلة" في الاعوام الاخيرة و"سيدها المطلق". وهذا ما اثبته في بطولة العالم في برلين وفي الدوري الذهبي "غولدن ليغ". فقد انهى موسم 2009 في مدينة سالونيك اليونانية حيث اجري نهائي الجائزة الكبرى, فائزا في سباق ال`3 آلاف م وحافظ على سجله خاليا من الهزائم في المسافة منذ عام 2006 وعلى مدى 9 سباقات, عندما احتل المركز الاول متقدما على لاغات نفسه. ويقضي بكيلي حاليا اجازة مستحقة يستمتع فيها بالراحة والهدوء, قبل ان يباشر التحضير للموسم المقبل الخالي من الاستحقاقات الكبيرة, ما يجعله مناسبا للتنطح لتعزيز ارقامه القياسية العالمية. يلفت لاغات الذي فقد لقبه العالمي في ال`5 آلاف م امام بيكيلي في برلين, الى انه تجاوز البطل الاثيوبي في الامتار ال`50 الاخيرة قبل خط الوصول, لكن الاخير عاد وتقدمه "واستحق الميدالية الذهبية" معربا عن سعادته للمنافسة بجانبه "اذ يجعلني اقدم الافضل وابذل قصاري وبالتالي لا اخجل البتة من الخسارة امام بطل من طينته". لما سئل بكيلي عن عدد القابه العالمية اثر فوزه بسباق ال`5 آلاف م في برلين, بدا مرتبكا ولم يستطع اعطاء اجابة دقيقة, واكتفى بالقول : "صراحة لم احصها. استطيع التأكيد انني اسعى دائما الى تعويض التدريب القاسي بفوز وهذا ما يريحني اكثر من اي شيء آخر". ودع بيكيلي برلين بعدما اضاف الى جعبته لقبي ال`5 آلاف وال`10 آلاف م فاصبح رصيده 5 القاب عالمية, وارتقى الى مرتبة الاميركيين كارل لويس (100م والوثب الطويل) ومايكل جونسون (200م و400م) والالماني لارس ريدل (رمي القرص), ولا يتقدم هؤلاء في الترتيب الا اسطورة القفز بالزانة الاوكراني سيرغي بوبكا (6 القاب عالمية). لكن سطوة بيكيلي وتميزه في برلين ظلت "خجولة" مقارنة ببريق "العداء الاستعراضي" الجامايكي اوساين بولت. ما دفع بكينينيسا الى التخلي عن حيائه احيانا وتقليد "الصاعقة الجامايكية" في بعض تصرفاته على المضمار, ولفت نظر وسائل الاعلام الى ان هناك "بطلا مميزا يدعى بيكيلي, ومن مصلحة العاب القوى ان تضم الساحة ابطالا آخرين". بيكيلي (27 سنة) الخجول بطبعه, ربما لعدم اجادته اللغة الانكليزية, شرس جدا على المضمار. وهذا ما اثبته في برلين خصوصا بعدما اصبح اول من يجمع ثنائية "السباقين الطويلين" عالميا, معيدا الى الاذهان تميز مواطنه موريتز يفتر على هذا الصعيد في دورة موسكو الاولمبية عام 1980. ويزين سجل بيكيلي 24 لقبا عالميا للضاحية وعلى المضمار وفي القاعات فضلا عن سلسلة ارقام قياسية (انجاز فريد من نوعه), وهو تسلم "عصا القيادة رسميا" من مواطنه هايله جبريسيلاسي في بطولة العالم عام 2003 في باريس حين انتزع منه سباق ال`10 آلاف م. بدا بيكيلي هذا الموسم مصرا على الاحتفاظ بالصدارة على رغم الاصابة التي عانى منها في مستهل تحضيراته, وتخطى سريعا الوزن الزائد الذي حمله مع بداية سباقات المضامير المكشوفة. واكد ان الاولوية ستكون للالقاب ولجائزة جديدة ضمن الدوري الذهب, موضحا ان "حلم الفوز لا يفارقني والا لما استمريت بهذه العزيمة". وكشف في برلين انه يخطط لخوض سباقات الماراثون "لكنها خطوة بعيدة المدى وهي تحد للمستقبل". و"يسهر" الهولندي يوس هيرمنس (حامل الرقم القياسي العالمي السابق لسباق ضد الساعة) على اعمال نخبة من العدائين الاثيوبيين, من بينهم بيكيلي وسلفه جيريسيلاسي حامل الرقم القياسي العالمي للماراثون. لكن بيكيلي يتولى بنفسه تحضير برنامجه التدريبي وتنفيذه, مع استشارته احيانا لمدرب المنتخب الاثيوبي وولديمسكل كوستري, لا سيما في ما يتعلّق بتمارين محددة على المضمار. وعرفت الاعوام الاخيرة من عقد التسعينات من القرن الماضي انطلاقة بيكيلي, موهبة قادمة من البطولات المدرسية والاقليمية في بلدة بيكوجي الريفية وولاية ارسي. وتلقفه المدرب تولوسا كوتو فتى معجبا بانتصارات لا تنضب لقافلة تضم جبريسيلاسي وفانوما روبا وديررتو تولو... واضحى لاحقا مثالا ينسج آخرون على خطاه منهم شقيقه تاروكو بطل العالم للناشئين والشباب.في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2007, تزوج بيكيلي من مواطنته الممثلة داناويت جبريغزيبهلر, ولربما وجد في حياته الجديدة استقرارا وسكينة بعد مأساة فقدانه خطبيته اليم تيشالي, بطلة العالم للشابات في سباق ال`1500م (2001) التي قضت في سكتة قلبية خلال حصة تدريبية في 4 كانون الثاني,يناير 2005, وخشي كثر أن يهجر البطل المضمار ويزهد بالمنافسة, لكنه تخطى المحنة واستأنف التألق, مهديا الراحلة انتصاراته.