دخلت ألعاب القوى المغربية أبواب الشهرة العالمية الواسعة من خلال وقوع كل من جمال الشطبي ومريم العلوي السلسولي اللذين استبعدا من الدورين النهائيين لسباقي 3 آلاف م موانع و1500م ، الشطبي لتناوله مادة «كلينبوتيرول» عقب الفحص الذي خضع له عشية الدور نصف النهائي السبت الماضي، والسلسولي لتناولها مادة «الإرتروبوتين» عقب أحد الفحوص المفاجئة التي خضعت لها في الرباط في الثاني من غشت الحالي، وكانا بذلك قد منحا المغرب صيتا عالما كبيرا بهاتين الفضيحتين في غياب أية نتيجة رياضية تؤكد أن المغرب بلد فعلا ينجب الأبطال غير الغشاشين وأن التاريخ الذي خطه العداؤوون المغاربة السابقون تاريخ نقي بعيد عن الشبهات ، جاء بفضل اجتهاداتهم ومتابرتهم عكس ما هو حاصل الآن في غياب أية مراقبة من المدربين والأطباء المشرفين على هؤلاء الأبطال الذين بدأوا يرتمون في أحضان هذه المواد الفتاكة رغبة في التألق المغشوش ... لكن في ظل الحرب التي أعلنها الاتحاد الدولي لألعاب القوى ضد كل متناولي المنشطات تم اكتشاف كثيرا من الغشاشين أصحاب « النشاط « بين ظهرانينا ، لا يعقل ألا يكونوا خاضعين للمراقبة من طرف مسؤولينا حتى نفاجأ بذلك من طرف الاتحاد الدولي ، الذي لا يخفى على أحد قيامها بفحوصات عشوائية بمناسبة أو غيرها ، مما يعني أن كل الذين ما زالوا يحاولون استغفال هذا المنظم الرياضي الدولي انما مازال يعيش في على الأحلام ويبيع نفسه الوهم بأن يصبح في يوم من الأيام بطلا متوجا بالذهب في أية تظاهرة يشرف عليها الاتحاد الدولي... على كل حال فألعاب القوى الوطنية تعيش أيام خريفها منذ مدة ، وقد جاءت بطولة العالم ببرلين لتعري عورتها أمام الملأ ، بفعل ما تناوب عليها من مشاكل تسييرية وتأطيرية وغياب الخلف الصالح من العدائين والعداءات البعيدين عن كل أنواع الغش. ونقدم هنا قراءة لأهم المحطات التي شهدتها بطولة العالم ببرلين مع ما ميزها من انجازات من لدن أبطال فريدين أعطوا لهذا الحدث تميزه الكبير... حقق العداء الجامايكي ثلاثية تاريخية في سباقات العدو، بينما حقق الأثيوبي بيكيلي ذهبيتي سباق 5 آلاف م و10 آلاف م، ليصبح العداءان حديث الشارع الرياضي في بطولة العالم لألعاب القوى التي استضافتها العاصمة الألمانية برلين.فقد فرض الأسطورتان الجامايكي اوساين بولت والأثيوبي كينينيسا بيكيلي نفسيهما نجمين دون منازع في النسخة الثانية عشرة من بطولة العالم لالعاب القوى التي اختتمت يوم الأحد في العاصمة الألمانية برلين، الأول بثلاثية تاريخية معززة برقمين قياسيين عالميين، والثاني بثنائية أروع في سباقي 5 آلاف م و10 آلاف م.وخيبت الروسية ايلينا ايسينباييفا، حاملة الرقم القياسي العالمي واللقبين العالمي والأولمبي في مسابقة القفز بالزانة، الآمال التي كانت معلقة عليها، وخرجت خالية الوفاض، وكانت خيبة أمل البنمي ايرفينغ سالادينو اكبر بفقدانه اللقب العالمي في الوثب الطويل بعد 3 محاولات فاشلة، في حين حرمت الإصابة الكوبي دايرون روبلس من تحقيق امنيته بإضافة اللقب العالمي الى الاولمبي في سباق 110 م حواجز الذي يحمل رقمه القياسي العالمي. الإعصار بولت أكد بولت مرة أخرى وبالبراهين والادلة أنه أسرع وأفضل عداء في تاريخ رياضة أم الألعاب، عندما حطم رقميه القياسيين العالميين في سباقي 100 م و200 م، مسجلا رقمين خرافيين (9.58 ثوان في الاول و19.19 ثانية في الثاني)، علما بأنه أحرز أيضا ذهبية سباق التتابع 4 مرات 100 م مع منتخب بلاده على الملعب الاولمبي. وأعاد بولت الى أذهان العالم بأسره والألماني على وجه الخصوص إنجاز الأميركي جيسي اوينز الذي أحرز 3 ذهبيات على الملعب ذاته قبل 73 عاما (100 م و200 م والوثب الطويل) وتحديدا في دورة الألعاب الأولمبية عام 1936، بيد أن إنجاز الجامايكي أروع لأنه يتضمن رقمين قياسيين عالميين. وقال بولت صاحب الثلاثية التاريخية بأرقامها القياسية العالمية في دورة الألعاب الأولمبية في بكين الصيف الماضي (100 م و200 م والتتابع 4 مرات 100 م): «في البطولة الحالية اردت ان ابرهن للعالم بأسره بأن ارقامي القياسية في اولمبياد بكين لم تكن مزحة، لقد أكدت للعالم ان اي شيء يمكن تحقيقه بفضل التمارين الشاقة والعمل الجيد». وتابع بولت: «مثلما أعلنت قبل البطولة، فأنا أسعى الى أن أصبح أسطورة، وهذا ما أعمل من أجله، وأعتقد أنني بصدد تحقيقه، لا أشعر بأي ضغوطات لانني أعرف ما أنا بصدد فعله. لدي مخطط وأعمل على تنفيذه. ما يتعين علي فعله هو التركيز والتدريب بجدية وانا سعيد بما انجزت».وأضاف: «لم يكن ببالي اي رقم قبل انطلاق السباق، لقد حاولت فقط ان اقدم افضل ما عندي، لا اعرف الى اي مدى بإمكاني انزال الارقام القياسية لكن وكما اقول دائما: عندما تركز على تحقيق شيء معين فإن كل شيء ممكن ان يتحقق». وأعرب بولت عن اسفه للشائعات الرائجة في الآونة الاخيرة وتحديدا بعد رقمه القياسي العالمي في سباق 100 م، حول تناوله منشطات، وقال: «أنا مستاء للشائعات التي يطلقها بعض المشككين، لكن ردي عليهم سيبقى دائما في المضمار، اخضع للعديد من الفحوصات قبل وبعد السباقات، وأعرف أني سأكون عرضة للشائعات وأعرف أيضا أني أركض بسرعة وأن التدريبات الشاقة والجدية التي اقوم بها أحصد ثمارها في المحافل الدولية والعالمية والأولمبية». وكرست انجازات بولت نجاح مدرسة السرعة الجامايكية، لان بلاده سيطرت على سباقات السرعة لدى السيدات بتتويجها بالالقاب العالمية لسباقات 100 م والتتابع 4 مرات 100 م. بيكيلي ملك المسافات الطويلة من جهته، أكد بيكيلي أنه ملك المسافات الطويلة من خلال تتويجه باللقب العالمي في سباقي 5 آلاف م و10 آلاف م، وبات اول عداء يحقق الثنائية في السباقين في نسخة واحدة في تاريخ بطولة العالم. ودخل بيكيلي تاريخ بطولة العالم لألعاب القوى من بابه الواسع بتتويجه بذهبية سباق 10 آلاف م الأحد الماضي بزمن 26.46.31 دقيقة، مسجلا رقما قياسيا جديدا في بطولة العالم، ماحيا الرقم السابق الذي كان بحوزته وهو 26.49.57 دقيقة، وقد سجله في سان دوني الفرنسية عام 2003، علما بأنه يحمل الرقم القياسي العالمي وهو 26.17.53 د، وقد سجله في 26 أغسطس 2005 في بروكسل.وكرر بيكيلي انجازه في دورة الالعاب الاولمبية في بكين عام 2008 عندما حقق الثنائية ذاتها.وهو اللقب العالمي الاول لبيكيلي في سباق 5 آلاف م، فعزز به رصيده في المونديال بعد 4 القاب متتالية في سباق 10 آلاف م (أعوام 2003 و2005 و2007) عادل بها انجاز مواطنه هايله جبريسيلاسي (4 القاب في بطولات العالم من 1993 الى 1999).ويملك بيكيلي ايضا 3 القاب اولمبية في 10 آلاف م في اثينا و5 آلاف م و10 آلاف م في بكين و11 لقبا عالميا في سباقات اختراق الضاحية. خيبات الأمل حققت ايسينباييفا نتيجة مخيبة في مونديال برلين وخرجت خالية الوفاض.وسحبت البولندية آنا روغوفسكوفا، التي تبقى افضل نتيجة لها في البطولات الكبرى قبل ذهبية برلين برونزية اولمبياد بكين 2004، البساط من تحت قدمي ايسينباييفا حاملة الرقم القياسي للمسابقة (5.05 م) وبطلة العالم في النسختين الاخيرتين ومثلهما في الالعاب الاولمبية، بعدما فشلت الاخيرة، التي حققت 26 رقما قياسيا عالميا في المسابقة، في تخطي حاجز 4.75 م مرة واحدة و4.80 م في محاولتين.وهي المرة الثانية التي تنجح فيها روغوفسكا في التفوق على ايسينباييفا هذا الموسم بعد الأولى في لقاء لندن اواخر يوليو الماضي عندما حلت ثانية خلف روغوفسكا التي احرزت المركز الاول بعدما وثبت 4.68 امتار، وهي الوثبة ذاتها التي سجلتها النجمة الروسية لكنها احتاجت الى 3 محاولات، مقابل محاولتين لمنافستها قبل ان تفشل الاثنتان في تجاوز حاجز 4.78 امتار. وكانت الخسارة الاولى وقتها لايسينباييفا في 19 مسابقة وتحديدا منذ فبراير 2008، عندما كانت تشارك حينها في لقاء بيدغوش البولندي داخل قاعة، حيث كان المركز الاول من نصيب مواطنتها سفتلانا فيوفانوفا. وسيطرت ايسينباييفا على منافسات القفز بالزانة منذ تتويجها بلقبها الاولمبي الاول في اثينا 2004، بيد أن نتائجها هذا الموسم مخيبة خصوصا أن افضل رقم لها هو 4.85 امتار، أي بفارق 20 سنتمترا عن الرقم القياسي العالمي الذي بحوزتها.وكان الشك يحوم اصلا حول مشاركة روبلس في الدور نصف النهائي بسبب الاصابة ذاتها التي تعرض لها في الدور الأول، علما بأنه كان يمني النفس بإحراز اللقب العالمي بعد اللقب الأولمبي، وذلك في غياب حامل اللقب الصيني ليو جيانغ المصاب. وخرج البنمي سالادينو حامل اللقب وبطل اولمبياد بكين 2008 من الدور النهائي لمسابقة الوثب الطويل بعد 3 محاولات فاشلة. 3 أرقام قياسية عالمية شهدت البطولة تحطيم 3 أرقام قياسية هي، فضلا عن رقمي بولت في 100 م و200 م (9.58 ث و19.19 ث، ماحيا رقميه السابقين في الاولمبياد 9.69 ث و19.30 ث)، الرقم الذي سجلته البولندية انيتا فلودارسيك وهو 77.96 م، ماحية الرقم القياسي السابق وهو 76.80 م، وكان مسجلا باسم الروسية تاتيانا ليسينكو منذ 26 مايو 2007. لقب ثالث على التوالي لفيليكس وأحرزت الأميركية اليسون فيليكس ذهبية سباق 200م للمرة الثالثة على التوالي بعد عامي 2005 في هلسنكي و2007 في اوساكا، وقد نجحت في التفوق على الجامايكية فيرونيكا كامبل-براون التي حرمتها التتويج الأولمبي مرتين عامي 2004 في أثينا و2008 في بكين. وحطمت فيليكس الرقم القياسي في عدد الألقاب العالمية المتتالية في سباق 200م الذي كانت تتقاسمه مع مواطنتها ماريون جونز (1997 في اثينا و1999 في اشبيلية) والجامايكية مارلين اوتي (1993 في شتوتغارت و1995 في غوتبورغ). احتفظوا بألقابهم واحتفظ 8 رياضيين ورياضيات بألقابهم التي احرزوها في النسخة السابقة، وهما لدى الرجال: الأميركي كيرون كليمنت (400م حواجز)، والإثيوبي كينينيسا بيكيلي (10 آلاف م). وفي فئة السيدات، الكرواتية بلانكا فلاسيتش (الوثب العالي) والكوبية يارغيليس سافيني (الوثبة الثلاثية) والروسية اولغا كانيسكينا (20 كلم مشيا) والنيوزيلندية فاليري فيلي (الكرة الحديد) والبحرينية مريم يوسف جمال (1500 م) وأليسون فيليكس (200 م). كما احتفظ المنتخب الأميركي للتتابع 4 مرات 400 م بلقبيه لدى الرجال والسيدات.