هي مقولة أضنانا سماعُها، ولم يقم دليلٌ واحد على صدق محتواها؛ هي أسطوانة مشروخة لفرط تداولها، ومع ذلك لم تقنع أحدًا من سامعيها؛ هي تهمة يرددها المتنصّرون، بعدما ضحك بها على ذقونهم دعاة التنصير، وسماسرة التّمسيح؛ ثم الغريب في الأمر، هو أن من مثقفينا من يقول بها في الصحف، والقنوات، والنوادي، ثم لا يرى حرجا أو عيبا في ذلك، ثم لا ندري إن قالها اقتناعا أو نفاقا ورياءً، والمقولة المشلولة هذه والتي تروج هذه الأيام، ونحن نعاني ظاهرة التنصير، هي أن الإسلام انتشر بالسيف، ويستدلّون على ذلك، بما جاء في [دائرة المعارف الإسلامية]، وهي موسوعة لا تصلح كمرجع، أو سند يُعتدُّ به، لأن مصدرها غير إسلامي، وقد أُلِّفت في الثلاثينيات، ثم أُعيد طبعُها بعد مصادرتها منذ عشرات السنين، وقد تعرّضنا لها سابقا في حلقاتنا الرّمضانية لسنة 2007، وتحدثنا عن المجلّد رقم 24 وهو الأكثر خطورة.. ومرة أخرى، نقول للمنصِّرين وللمتنصِّرين، كما نقول للمتمسلمين، ولهؤلاء وهؤلاء، إن الإسلام لم ينتشر بحد السيف، وصدق شوقي: وقال أحدهم بصريح العبارات : ماذا كان سيكون مصير الإسلام لولا السيف؟ ونحن نقول له إن هذا تساؤل من عندك، ولكنّي سوف أطرح سؤالا طرحه علماء الإنجيل، ومؤرّخو المسيحية، وهو كالتالي : ما الذي كان يمكن أن يحدث للمسيحية، لو لم يعتنقها الإمبراطور »قُسْطنطين الأكبر؟« .. وهو سؤال طرحه كذلك »مايكل هارت« في كتابه »الخالدون مائة« صفحة 110.. فبسبب اعتناقه للمسيحية، وتشجيعه لها انتشرت، فكان قسطنطين الأكبر، هو صاحب الدور الأعظم، في تحويل المسيحية من مجرّد عقيدة جامدة، إلى دين رسمي مسيطِر على الملايين.. لم يكن الدافع لاعتناقه المسيحية، هو شعوره بالتسامح الديني، وإنما تعصّبه الشديد؛ ثم إن بداية عصره، كانت هي بداية الاضطهاد العنيف لليهود، والذي استمر قرونا عديدة في أوروبا.. بل أكثر من ذلك، أصبح اعتناق المسيحية سببا كافيا للترقية في الوظائف الحكومية؛ وفي عهده بنيت أشهر كنائس العالم مثل كنيسة المهد في بيت لحم، وكنيسة القيامة في القدس.. والغريب في الأمر، هو أنه لم يشأ أن يتم تعميدُه مسيحيا إلا عند وفاته، مما يبين أن أهدافه كانت سياسية، وليست دينية خالصة لوجه الرب والسيد.. وهناك دليل آخر، وهو أنه كان عنيفا، ولم يكن وديعا كما يأمر يسوع، وكان دمويا، ولأسباب غير معروفة أعدم زوجته، وأكبر أبنائه في سنة 326 فمن هو الدين الذي نُشر بالسيف والعنف؟ فكاتب هذه السطور يركّز على مراجعَ مسيحية، وعلى كتب مؤرّخين غربيين، للأمانة العلمية.. أما بعد؛ فالنبي الحقيقي للمسيحية في شكلها الحالي إنما هو »بولس« وليس السيد المسيح عليه السلام.. »بولس« هذا، كان يهوديا، وكان يكره السيد المسيح، بل إنه اتهم أتباع عيسى بالزندقة، ولما توفي المسيح، صار »بولس« هو نبيها، ومن أهم أفكاره : أن يسوع المسيح كان بشرا وإلاها.. وأن المسيح صُلب من أجل التكفير عن خطايا البشر.. فبولس هو المسؤول الأول عن تأليه المسيح، وهو صاحب عبارة »الأب، والابن، والروح القدس« ، ويرى فلاسفة المسيحية أنه هو الذي أقام المسيحية، وليس المسيح؛ وأن السيد المسيح لم يكن يبشر بشيء من هذا الذي قاله »بولس الرسول« .. والواقع، أني أكتب مطمئن البال؛ لأني لست كذابا أو مفتريا حسبي الله.. فكل ما كتبتُه مأخوذ من مراجع مسيحية، ومنقول عن فلاسفة غربيين، وعلماء إنجيل؛ وإذا كنا مخطئين أو كاذبين، نوّرونا ثم سفِّهونا ولكم كلّ الفضل... محمد فارس